تعدّ الخلافات جزءاً لا مفرّ منه في بيئة العمل نظراً لما تتضمنه من الكثير من التفاعلات البشرية، إلا أن أثر هذه الخلافات يجب ألا يكون سلبياً. على العكس من ذلك، فإذا تم التعامل في الواقع مع هذه الخلافات بكفاءة وفعالية، يمكن أن تُصبح حافزاً للتغيير الإيجابي، وتُسهم في تعزيز الابتكار والتطوّر داخل مكان العمل. وبالتالي، فإن تعلّم سُبل إدارة وتسوية الخلافات بشكلٍ بنّاء هي مهارةٌ قيّمة يمكنها أن تُعزّز من مستوى علاقاتك المهنية وتساعدك على إيجاد بيئة عمل متناغمة ومنتجة. وفي هذه المقالة، سنكشف عن بعض الاستراتيجيات الأساسية والنصائح العملية التي تعزز من قدرتك على التعامل مع الخلافات في العمل.
يعتبر التواصل الفعّال من الركائز الأساسية لتسوية النزاعات نطراً لقدرته على بناء قنوات اتصال واضحة ومفتوحة تُسهم في الحد من أي سوء فهم وتسمح بمعالجة المظالم على الفور. وعليه، يجب أن تتدرب على الاستماع لتتمكّن من التركيز على فهم وجهة نظر الشخص الآخر دون أن تقاطعه أو تستعجل عملية اتخاذ القرار. وتجنّب استخدام لغة اتهامية، بل استخدم عبارات شخصية مثل "أنا" للتعبير عن مشاعرك واهتماماتك. وستجد أن لهذا الأسلوب أثر إيجابي في تعزيز المناقشات لتُصبح بنّاءةً وأكثر تعاطفاً.
عندما تنشأ الخلافات، يجب أن تبحث عن الأفكار والآراء المشتركة بين الأطراف، وتدرس الاهتمامات أو الأهداف المشتركة التي يمكنها أن تكون أساساً للوصول إلى حل. وقد يكون توضيح الأهداف المشتركة أداةً تدعم تعاون جميع الأطراف لتحويل التركيز من الاختلافات الشخصية إلى حل المشكلات. كما يجب التأكيد على الالتزام المشترك بنجاح المؤسسة، وكيف يُفيد حل الخلافات جميع المعنيين.
قد ينتج عن الخلافات تصاعد للمشاعر، ومن الطبيعي أن تشعر خلالها بالإرهاق أو الإحباط. لذا ننصحك بتخصيص وقتٍ للاستراحة عندما تتصاعد التوترات لتتمكّن من جمع أفكارك وفهم مشاعرك. ويعتبر الابتعاد عن الموقف المحتدم لبضع دقائق أداةً فعّالة يُمكنها أن تقدّم لك وضوحاً أفضل للوضع وتحُد من تصعيد الخلافات بشكلٍ أكبر. وإذا لزم الأمر، حدّد وقتاً لإعادة عقد المناقشة بعد حصول الطرفين على وقت للتهدئة.
عند تسوية الخلافات، ركّز دوماً على تحقيق نتيجة تدر بالفائدة على الطرفين، كلما كان ذلك ممكناً. ومن خلال هذا الأسلوب ستتمكّن من الوصول إلى حلول تلبي احتياجات ومصالح جميع الأطراف المعنية. لذا كن منفتحاً على التسوية ومرناً في إيجاد الحلول التي تناسب الجميع. وتذكر أن الهدف ليس "الفوز" بالجدال، بل إيجاد حلٍ يُفيد الفريق والمؤسسة ككل.
في بعض الحالات، قد يكون الخلاف معقداً جداً أو مشحوناً على المستوى العاطفي، بحيث يتعذّر على الأطراف المعنية حلّها بمفردهم. وفي مثل هذه المواقف، لِمَ لا تفكر في إشراك وسيطٍ محايد، مثل المدير أو ممثل عن إدارة الموارد البشرية. ويمكن لهذا الوسيط أن يُسهّل المناقشات ويضمن لك العدالة في تسوية الخلاف، ويُساعدك على توجيه الجميع نحو حلٍ مقبول للطرفين. قد يُسهم المنظور الموضوعي لهذا الوسيط في كسر حواجز الاتصال والوصول إلى أرضيةٍ مشتركة.
أحياناً قد يُصبح الخلاف شخصياً، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تفاقم الوضع. لذا يجب أن تحافظ خلال معالجة الخلافات على تركيزك على القضية المطروحة بدلاً من مهاجمة الفرد أو إلقاء اللوم. وبالتالي، احرص على صياغة ملاحظاتك بأسلوبٍ بنّاء وحاول أن تعالج سلوكيات أو إجراءات محدّدة تحتاج إلى تحسين. لقد أثبت هذا الأسلوب قدرته على تعزيز بيئة العمل لتُصبح أكثر إيجابيةً وموجهةً نحو الحلول.
بالرغم من أن بعض الخلافات قد تكون صعبةً أحياناً، إلا أنها تُعدّ أيضاً فرصاً قيّمة للتعلّم. لذا خصِّص وقتاً كافياً بعد حل الخلاف لتتفكّر بالتجربة بحد ذاتها، وحلّل الأسباب التي أدّت إلى هذا الخلاف والاستراتيجيات التي كانت فعّالة في حلها، وما يمكن تحسينه في المستقبل. ويُمكنك أيضاً أن تستفيد من الدروس المستفادة في هذه التجربة للحد من نشوء خلافات مماثلة في المستقبل.
للاطلاع على المزيد من نصائح حول التطوّر الوظيفي، تفضّل بزيارة مدونتنا!