لا يهم ما إذا كنت قد تلقيت للتو عرض عمل أو كنت تسعى للحصول على ترقية؛ إذ يعد التفاوض على الراتب خطوة أساسية خلال المسيرة المهنية لأي شخص.
وقد أظهر استطلاع حديث أن 37% فقط من الأشخاص يتفاوضون على رواتبهم، بينما 18% لا يفعلون ذلك على الإطلاق. والأسوأ من ذلك، أفاد 44% من المشاركين بعدم طرح موضوع زيادة الراتب مطلقًا.
ما هو السبب؟ الخوف.
وهذا أمر مفهوم، إذ قد يبدو التفاوض على الراتب أمرًا مرعبًا. ولكن الأمر الأكثر إثارة للرعب هو عدم القيام بذلك.
صحيح أن ذلك قد يُعرض فرصك الوظيفية للخطر، ولكن من الجدير بالذكر أن دليل الرواتب لعام 2022 الذي أعده موقع روبرت هاف كشف أن عدد عمليات التوظيف عبر العديد من القطاعات قد تجاوزت اليوم مستويات ما قبل الجائحة. كما أنه يوجد نقص في العمالة المؤهلة، مما يؤدي إلى مزيد من المنافسة على الكفاءات وإرتفاع مستويات الرواتب.
وسواء كنت جديدًا في سوق العمل أو لديك سنوات من الخبرة، وبغض النظر عن جنسك، ستقدم لك هذه المدونة بعض النصائح لمعرفة كيفية التفاوض على الراتب بشكل فعال.
لماذا يُعد التفاوض على الراتب أمرًا ضروريًا
إن التفاوض على الراتب له فوائد عديدة تتجاوز زيادة رصيد حسابك المصرفي. إنه يوضح ثقتك بنفسك لأصحاب العمل ويؤكد على قيمتك للشركة. ونظرًا لأن معظم أصحاب العمل لا يقومون بالتفاوض على الراتب، فإن عدم طلب زيادة يعني التخلي عن أرباح مُحتملة.
قد يؤثر التفاوض على عرض العمل بشكل إيجابي على مستقبلك المالي على المدى الطويل، وذلك لأن العلاوات التي تستند إلى نسبة مئوية من راتبك ستكون أعلى إذا بدأت براتب أعلى. تجدر الإشارة أيضًا إلى أن رواتبك المستقبلية غالبًا ما تتأثر بأرباحك السابقة.
نصائح مفيدة للتفاوض على راتبك بعد تلقي عرض عمل
الآن بعد أن عرفت أهمية التفاوض، إليك بعض النصائح لمساعدتك على تعزيز مهاراتك في التفاوض.
التدرّب
خلال مقابلة العمل، من الأفضل تجنب السؤال عن الراتب إلى أن يتطرق مدير التوظيف لذلك الموضوع. وعندما يتم طرح السؤال عليك، من المهم أن توضح أنك منفتح على التفاوض بناءً على المسؤوليات المحددة للوظيفة.
تقييم عرض العمل
عندما تتلقى عرض عمل، من المهم تقييم جميع الجوانب المهمة غير الراتب الأساسي. تأكد من الاستفسار عن المكافآت والعمولات وزيادات الرواتب المُحتملة، بالإضافة إلى المزايا والترقيات وإمكانيات النمو الوظيفي.
يتأثر صافي دخلك السنوي وقدرتك على الإنفاق بكل هذه العوامل. فمثلًا، قد لا تقدم الوظيفة الراتب الذي تتوقعه، ولكن قد تكون مزايا الرعاية الصحية وطب الأسنان للشركة سخية للغاية، مما يوفر لك مبلغًا كبيرًا من المال على الفواتير الطبية.
إجراء بحث لمعرفة قيمتك
كثيرًا ما يقال أن المعرفة قوة. لذلك، يُوصى بإجراء بحث شامل حول الرواتب النموذجية للمنصب الذي حصلت عليه للتو. من خلال القيام بذلك، ستعزز معرفتك بنطاق التعويض ويُمكنك التفاوض بثقة أكبر على الراتب الذي تريده.
قد تساعدك بعض الموارد المتاحة عبر الإنترنت في هذا البحث. تحقق من الشركات الفردية، وقيّم الرواتب التي يتقاضاها الموظفون في وظائف محددة، واستعرض آراء الموظفين الحالية والسابقة حول الشركة وأدوارهم. اكتشف قيمتك في سوق العمل (بناءً على موقعك الحالي)، واكتشف ما إذا كان يتم تعويضك بشكل عادل، واكتشف طرقًا لمضاعفة راتبك.
التحدث مع خبراء التوظيف
هل تتطلع إلى إجراء بحث بطريقة أخرى؟ ضع في اعتبارك الرد على مكالمات خبراء التوظيف، فهم يمتلكون خبرة واسعة في مجالهم ويُمكنهم تقديم رؤى قيّمة ومساعدتك في تحديد راتب معقول.
عندما يتصل بك مدير التوظيف في المستقبل، فكّر في مناقشة مسؤوليات الوظيفة والتعويضات للحصول على نظرة حول نطاق الأجور، حتى لو لم يقدم لك رقمًا دقيقًا.
إنشاء مستند من صفحة واحدة
ينصح العديد من الخبراء بإنشاء "ورقة تفاخر"، وهي عبارة عن مستند من صفحة واحدة يسلّط الضوء على صفاتك وإنجازاتك الاستثنائية كموظف. يجب عليك تضمين أي جوائز وتقديرات وتعليقات إيجابية من العملاء تلقيتها منذ آخر مراجعة للأداء، فذلك سيمكّنك من عرض قيمتك أمام صاحب العمل.
تحديد المبلغ بدقة
وفقًا لدراسة أجراها باحثون في كلية كولومبيا للأعمال، تحتاج إلى طلب رقم مُحدد، حيث ينبغي عليك طلب 42,550 دولارًا بدلاً من 43,000 دولارًا.
هل تعلم أنه إذا طلب المرشّح رقمًا محددًا للراتب أثناء التفاوض الأولي، فمن المرجح أن يتلقى عرض عمل نهائيًا يلبي توقعاته للراتب؟ ذلك لأن أصحاب العمل يفترضون عادةً أن المرشّح قد أجرى بحثًا شاملًا حول القيمة السوقية للمنصب.
الاستعداد لرفض العرض
لا تتردد في رفض عرض العمل أثناء استعراض الراتب المعروض، فذلك يشير إلى أن العرض لا يتناسب مع تطلعاتك ولا يمكنك قبوله. يمكنك اتخاذ قرار الرفض حسب احتياجاتك المالية، أو القيمة السوقية السائدة، أو حتى ما تعتبره بمثابة تعويض معقول لقدراتك.
قد لا يكون رفض عرض ما أمرًا سهلًا، خاصةً بعد المعاناة خلال عملية التقدم إلى الوظيفة، ولكن من الضروري معرفة الوقت المناسب للقيام بذلك، وأن تكون واثقًا بدرجة كافية لتقول "لا".
عدم التسرّع
من المهم عدم اتخاذ قرارات متسرعة وقبول عرض العمل فورًا، حيث يُوصى بطرح أسئلة إضافية حتى لو لم تبدو منطقية.
كما يُنصح بطلب وقت إضافي للنظر في العرض، فذلك يشير إلى أنك مرشّح مهني ومحترف. للحصول على هذا الوقت الإضافي والاستفادة منه، يُمكنك التأكيد لصاحب العمل الموعد النهائي للرد، وطلب المزيد من التفاصيل حول التعويضات والمزايا، والمشاركة في المفاوضات بشأن العرض وتاريخ بدء وظيفتك الجديدة.
طلب مساعدة الموظفين والمستشارين والأصدقاء
قد يبدو الأمر مبالغًا فيه، ولكنه من المفيد الطلب من صديق أو زميل أو مستشار أو أحد أفراد عائلتك بعض النصائح بشأن عرض العمل الذي حصلت عليه. اسألهم ما إذا كان عادلًا بناءً على طبيعة العمل. لا يشعر الأشخاص عمومًا بالراحة عند مناقشة رواتبهم، لكنك قد تندهش من مدى انفتاح بعض الأصدقاء وحتى الزملاء.
في حال عدم شعورك بالراحة تجاه طرح السؤال بشكل مباشر، يُمكنك اقتراح تقدير تقريبي ثم الاستفسار عما إذا كان يتماشى مع معايير السوق لشخص لديه مهاراتك وخبراتك.
تحديد موعد الاجتماع يوم خميس
نعم، قد يبدو الأمر غريبًا، لكن الدراسات تُظهر أنه من المرجح أن تحصل على زيادة إذا طلبتها يوم خميس.
يميل الأفراد إلى إظهار سلوك غير مرن ومثير للجدل في بداية الأسبوع، لكنهم يصبحون أكثر تقبلًا واستيعابًا مع تقدم الأسبوع.
نظرًا لأن أصحاب العمل يهدفون إلى إكمال عملهم المعلّق قبل عطلة نهاية الأسبوع، فهم عمومًا أكثر استعدادًا للتفاوض والتوصل إلى حل يُرضي الطرفين يومي الخميس والجمعة.
