لكي يتغير المجتمع، يجب أن يكون هناك تطور في مجال المساواة بين الجنسين. ومع اقتراب موعد اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف 8 مارس 2021، دعونا نلقي نظرة على منطقة الشرق الأوسط وتقدمها نحو تمكين المرأة.
لقد حظيت هذه المنطقة بالكثير من الاهتمام لجهودها الجديرة بالثناء نحو ممارسات المساواة بين الرجل والمرأة، إذ كانت هناك خطوات كبيرة في مجال تطوير دور المرأة، والتي شملت ضمان حصول المرأة على التعليم الجيد والرعاية الصحية والقدرة على المشاركة بالأنشطة في جميع القطاعات.
دعونا نلقي نظرة معمقة على التطور غير المسبوق على ظروف المرأة في الشرق الأوسط.
أهمية اليوم العالمي للمرأة
قبل التعمق في وضع المرأة في الشرق الأوسط، دعونا نفهم أولاً سبب الاحتفال باليوم العالمي للمرأة.
يعود تاريخ اليوم العالمي للمرأة إلى مطلع القرن العشرين. في ذلك الوقت، اتخذت النساء موقفًا استباقيًا في الحركات العمالية في أمريكا الشمالية وأوروبا. وقد فتحت الاحتجاجات ضد ظروف العمل أعين النساء لعدم المساواة بين الجنسين التي عانين منها في أماكن العمل.
وعلى الرغم من الاحتفال به لأول مرة في عام 1911، أصبح اليوم العالمي للمرأة حدثًا رسميًا في عام 1977، وذلك عندما اعترفت الأمم المتحدة رسميًا به يوم 8 مارس. ومن خلال إعلان يوم للاحتفال بالنساء، يأمل النشطاء بلفت الانتباه وبدء محادثات حول تسريع تحسين وضع المساواة بين الجنسين.
يعرّف مجتمع اليوم العالمي للمرأة هذا اليوم بأنه "يوم عالمي للاحتفال بالإنجازات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للمرأة".
موضوع اليوم العالمي للمرأة
في اليوم العالمي للمرأة لهذا العام، سيكون موضوع الحملة هو "اختر التحدي"، حيث يتيح هذا الموضوع للأفراد فرصة التفكير في التقدم الذي حققوه حتى الآن.
تم إحراز تقدم في مجال المساواة بين الجنسين، ولكن هناك مجال للمزيد من التقدم. وهذا الموضوع يشجع الناس على تحدي أوضاع المجتمع الحالي، ولكن الخطوة الأولى للتغيير تأتي من الداخل. لذا، فإن هذا العام يدور حول وعيك تجاه أفعالك الخاصة لتحقيق التكافؤ بين الجنسين.
يحتاج الأفراد إلى مواجهة التحديات التي تسمح لهم باستدعاء الصور النمطية والتمييز على أساس الجنس، مما يزيد من رغبتهم في عالم يتمتع بالمساواة بين الجنسين.
المرأة العاملة في الشرق الأوسط
بصفتك امرأة عاملة، يجب أن تكوني على دراية بالصعوبات المتمثلة في عدم معاملتك على قدم المساواة مع زملائك الآخرين. إنها ليست قضية جديدة، ولكن موضوع هذا العام طرح المشكلة للمناقشة.
لا تزال العديد من المناطق تفشل في توفير فرص متكافئة ومتنوعة للمرأة. ومع ذلك، فإن منطقة الشرق الأوسط هي إحدى هذه الاستثناءات، حيث نجحت في الدفاع عن حقوق المرأة العاملة.
بشكل عام، يلاحظ أن غالبية النساء في منطقة الشرق الأوسط يعملن في القطاعات الحكومية. ومع ذلك، فإن البلدان داخل هذه المنطقة قد توصلت الآن إلى برامج تنموية أتاحت فرصًا للمرأة للعمل في مجالات متنوعة مثل العلاقات العامة والاتصالات والتكنولوجيا وما إلى ذلك. وبالتالي، يتوفر للمرأة فرصًا في كل من القطاعين العام والخاص.
إن الإمارات العربية المتحدة هي مثال حي على مدى إدراك الشرق الأوسط للمساهمة الاقتصادية للمرأة. حيث حدد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء، قانونًا للمساواة بين الجنسين. يدعو هذا القانون إلى المساواة في الأجور بين الرجال والنساء في القطاع الخاص الذين يعملون الوظيفة نفسها. وعلاوة على ذلك، فإنه يطالب الشركات في القطاع الخاص بتوظيف المزيد من النساء.
تطلعات المرأة العاملة في الشرق الأوسط
أجرى بيت.كوم مؤخرًا استبيانًا بعنوان "المرأة العاملة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" قدم نظرة معمقة على توقعات النساء العاملات في هذه المنطقة.
وأوضح الاستبيان أن المبادرات التي اتخذتها دول مختلفة في الشرق الأوسط ناجحة. إذ قالت غالبية النساء المشاركات في الاستبيان أنهن يعاملن على قدم المساواة في مكان عملهن من حيث التقدم الوظيفي (67٪) والمزايا (55٪) والتوظيف والاختيار (63٪).
كما أن المكافآت والتقدير في مكان العمل جعل 49٪ من المجيبات يعتبرن حياتهن المهنية مصدرًا رئيسيًا للسعادة.
وتشمل بعض من أهم المزايا التي تقدمها المنظمات للمرأة التدريب المرتبط بالوظيفة (31٪)، والتأمين الصحي (39٪)، وإجازة الأمومة مدفوعة الأجر (38٪). هذه الأرقام مثيرة للإعجاب ولكنها ليست جيدة بما يكفي لتحقيق تكافؤ كامل بين الجنسين.
في حين أن الكثيرات يحصلن على مثل هذه الامتيازات، إلا أن الكثيرات غيرهن لم يحصلن عليها بعد. في الواقع، تقول المشاركات في الاستبيان أن أهم 5 تحديات تواجه المرأة العاملة في مكان العمل تشمل:
ما هي الخطوة التالية بالنسبة للمساواة بين الجنسين في الشرق الأوسط؟
تواجه المنطقة اليوم تحولات كبيرة على الصعيد التكنولوجي والاجتماعي والاقتصادي. وسيكون لهذا التحول آثارًا على المساواة بين الجنسين والفرص المتاحة للمرأة في العمل والباحثين عن عمل مثلك.
فيما يلي بعض الطرق التي ستتطور بها القوى العاملة النسائية في الشرق الأوسط خلال السنوات القادمة.
إعادة تعريف المساواة في الأجر
إن المساواة في الأجر غير متعلقة بالدخل فقط، إذ يفتقر عدد كبير من النساء إلى بيئة داعمة من حيث الشمول المالي.
وقد أفادت المشاركات في استبيان بيت.كوم (55٪) أنّ الاستقلال المالي هو السبب الرئيسي الذي يدفعهن للبحث عن عمل. وتشمل الأسباب الأخرى الرغبة في تقديم مساهمات مالية للأسرة (51٪)، وتأمين مستقبل الأسرة (42٪)، وتوسيع الآفاق (43٪). ومع ذلك، لا يتم منحهن فرصة لجني ثمار العمل بشكل صحيح.
يجب أن تسعى الشركات لتحقيق التكافؤ في الدخل من خلال النظر في جميع جوانب التعويض المالي. وهذا يعني مراعاة العمل الإضافي والمكافآت وأسهم الشركة وما إلى ذلك.
تمكين المرأة العاملة الحالية بأدوار قيادية
من أجل تمكين المساواة بين الجنسين، يجب على دول المنطقة أولاً أن تمهد الطريق أمام النساء العاملات لتولي أدوار قيادية.
من خلال تشجيع المزيد من النساء على أن يصبحن صانعات القرار، سيشعرن بمزيد من الانفتاح للتحدث علنًا عن المساواة بين الجنسين. ونتيجة لذلك، يمكن لصانعات القرار من النساء مساعدة جيل المستقبل على تحقيق المساواة في وقت مبكر.
الرقمنة
كانت رقمنة الاقتصاد أهم تطور تكنولوجي وصل إلى منطقة الشرق الأوسط. أثناء البحث عن وظيفة، ربما قد صادفتِ الوظيفة المثالية ولكنك شعرتِ بالقيود بسبب البنية التحتية والتحديات الجغرافية. سوف تقضي رقمنة الأعمال على مثل هذه العوائق.
كانت الرقمنة موضوعًا متداولًا لفترة من الوقت، وذلك لأن العديد من الشركات تختار الاستفادة من التكنولوجيا لاتخاذ قرارات أفضل لشركاتهم. وستشجع رقمنة العمل النساء على الاستفادة من فرص العمل عن بُعد، حيث ستتمكن من العمل من المنزل بكل سهولة.
من خلال الاستفادة من التكنولوجيا، ابتكرت العديد من الشركات أيضًا منصات رقمية لتسهيل البحث عن الوظائف. على سبيل المثال، يُوجد على موقع بيت.كوم أكثر من 80,000 وظيفة متاحة للجنسين، ويتم تشجيع النساء على التقدّم إليها.
زيادة الاهتمام بمحو الأمية الإلكترونية
في هذه الموجة الحالية من الرقمنة، سترين طلبًا كبيرًا على الباحثين عن عمل ذوي المهارات التكنولوجية، إذ يمكنك الاستفادة من الفرص الجديدة التي تنشأ من زيادة الأعمال الرقمية.
ومع ذلك، لا يحدث هذا إلا إذا قامت المنظمات والسلطات الحكومية برقمنة مهارات النساء في الشرق الأوسط. تفضل النساء بشكل عام مجالات العمل المتعلقة بالفنون والتعليم، وينتج عن ذلك نسبة غير كافية من النساء اللائي يتم دمجهن في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
لهذا السبب، تتطلع السلطات المختصة إلى محو الأمية الإلكترونية رسميًا لتحسين مهارات النساء العاملات والباحثين عن عمل أو إعادة تأهيلهم. في السنوات القليلة المقبلة، ستجدين أن هذا التدريب هو أهم عامل سيساعدك في الحصول على وظائف تقنية.
الهدف هنا ليس فقط تشجيع المزيد من النساء على المشاركة في العمل، بل يتعلق الأمر بمنحك كامرأة الفرصة للمشاركة في الوظائف المهنية والتقنية في المستقبل.
الإصلاحات القانونية من قبل السلطات الحكومية
إن العنصر الرئيسي في تحسين ظروف عدم المساواة التي تواجهها المرأة في مكان العمل اليوم هو تقديم الحماية القانونية. لقد تعلمت دول الشرق الأوسط من مثال الإمارات العربية المتحدة.
وقريبًا، سيتم وضع سياسات قانونية محسّنة من شأنها حماية حقوقك كامرأة في بيئة العمل.
وسيتطلب ذلك من الحكومات البحث في العوامل التي تشجع وتثبط دخولك في سوق العمل. وستسمح لهم البيانات بوضع سياسات عامة دقيقة لإجازات الأمومة السخية، والتوازن بين العمل والحياة، والمساواة بين الجنسين.
الخلاصة
يمكن القول أنه تم قطع أشواط استباقية في مجال المساواة بين الرجل والمرأة في منطقة الشرق الأوسط. ومع ذلك، يجب أن تستمري في إجراء الحوارات حول المرأة العاملة والمساواة.
كجزء من القوى العاملة، يمكنك إحداث التغيير من خلال تثقيف جيل الشباب حول المساواة بين الجنسين. بالنسبة لتطورك الشخصي، يمكنكِ الاستفادة من برامج التدريب على المهارات المختلفة، حيث سيمكّنك التعليم الذي تحصلين عليه من اتخاذ الإجراءات المناسبة والحصول على الوظيفة التي تبحثين عنها.
اختر التحدي. قم بتحدي التمييز بين الجنسين عند ملاحظته. اكتشف إنجازات المرأة واحتفل بها. دعونا نصنع عالمًا شاملاً للجميع.