هل يجلب المال السعادة؟

هل يجلب المال السعادة؟ لقد فكر الفلاسفة وعلماء النفس والاجتماع طويلا في هذا السؤال، وقد أصبح مؤخرا موضوعا للدراسة التجريبية من قبل خبراء الاقتصاد والشركات والحكومات على حد سواء. أصبح التجريب ممكنا من خلال تراكم المعلومات على مر الزمان، ومن خلال بيانات الدراسات حول السعادة والرضا الوظيفي والرضا عن الحياة بشكل عام.

قام بيت.كوم مؤخراً، بالتعاون مع YouGov، بإجراء دراسة حول ‘السعادة والعافية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا‘ (يوليو 2013). تهدف الدراسة الى التعرف على مستويات السعادة السائدة في المنطقة، وتتضمن أهم المعلومات المشار اليها في هذه الدراسة: الرضا عن الحياة الشخصية، والرضا عن الحياة المهنية، والرضا عن الصحة والعافية، وأخيراً الرضا العام عن الحياة في بلد الإقامة.

لذا قبل الاجابة على سؤال "هل يجلب المال السعادة"، من الجدير بالذكر أن دراسة بيت.كوم حول ‘السعادة والعافية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا‘ تكشف بأن السعادة في المنطقة تختلف باختلاف عدد من العوامل في البلدان التي تشملها الدراسة. ففي الوقت الذي تعبر فيه بعض البلدان عن مستوى عالٍ من الرضا عن الحياة الشخصية وعدم الرضا عن الحياة المهنية، فإن بلدان أخرى راضية تماماً عن الحياة الشخصية والمهنية معاً. وفي الوقت الذي تقدم فيه بعض البلدان بنية تحتية جيدة وشعور عام بالأمن والأمان وفرص تقدم وظيفي واستقرار في الحياة السياسية، فإن بلدان أخرى لا تتوفر فيها جميع هذه الميزات.

وفي ضوء ما سبق، تختلف نتائج دراسة بيت.كوم حول ‘السعادة والعافية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا‘ عبر المناطق الثلاثة الرئيسية (دول مجلس التعاون الخليجي والمشرق العربي وشمال أفريقيا).

مثلا، قد أشار 8 من أصل 10 من المشاركين في الأردن بأن السبب الرئيسي للتوتر هو، كما هي الحال في بقية المنطقة، ارتفاع تكاليف المعيشة، ومعظمهم راضون عن عوامل الأمن والأمان (74%)، والقدرة على الحفاظ على علاقات شخصية صحية (65%)، وتوافر الخدمات (57%).

لبنان هي أيضاً واحدة من أقل الدول السعادة في ما يتعلق بعوامل عدة لها علاقة ببلد الإقامة، حيث أن76% من المستطلعين فيها غير راضين عن الأمن والأمان، %91 منهم غير راضين عن الاستقرار السياسي في الدولة، و87% غير راضين عن تكاليف المعيشة. ولكن، يبدو أن المشاركين في لبنان أفضل حالاً عندما يتعلق الأمر بالحياة الشخصية، حيث أن 41% منهم راضون للغاية عن حرية التواصل الاجتماعي التي يتمتعون بها، و35% راضون عن حرية المعتقد، و26% عن فرص التواصل الاجتماعي.

من ناحية أخرى، فإن المشاركين من دول مجلس التعاون الخليجي ينعمون بمستويات رضا أعلى بكثير بفضل العديد من العوامل التي يُنظر إليها على أنها مفتاح السعادة، على الرغم من عدم رضاهم عن تكاليف المعيشة وفرص العمل المتوفرة.

وتشير الدراسة بأن دول الإمارات العربية المتحدة والكويت والمملكة العربية السعودية وقطر وعُمان هي من أكثر الدول سعادة في المنطقة. هذا يعزى إلى حقيقة أن الناس يشعرون بالأمن والأمان في هذه الدول التي تتمتع ببنية تحتية متينة، وتوفر الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية، وفرص الانخراط في المجتمع، وأماكن الترفيه المتنوعة، وبيئة سياسية واقتصادية مستقرة.

وفي حين أن 46% من الموظفين في البحرين راضون ‘إلى حد ما‘ أو راضون ‘إلى حد كبير‘ عن وظائفهم، أفاد 61% من أفراد العينة في البحرين إلى أنهم يعانون من ضغط الحياة اليومية. وأشار نصف من شملهم الاستطلاع هناك إلى أن القضايا المرتبطة بالعمل هو السبب الرئيسي للضغط النفسي (52%)، يتبعها الوضع السياسي الحالي (51%).

من ناحية أخرى، فإن ارتفاع تكاليف المعيشة وضعف الاستقرار السياسي هما من أهم أسباب الشعور بالضغط والإجهاد في مصر. وكشفت الدراسة أن المشاركين في مصر راضون عن حياتهم بشكل عام، ويمكن أن يعزى هذا الأمر إلى حقيقة أن البنية الاجتماعية في مصر تساعد في الحفاظ على علاقات شخصية وعائلية متينة.

وعبر المشاركون في شمال أفريقيا عن عدم رضاهم عن بعض الجوانب مثل البنية التحتية العامة، ومرافق النقل العام، وفرص التواصل الاجتماعي، وسبل الترفيه.

وبشكل عام، يقول المشاركين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأنهم غير راضين عن فرص العمل وتكاليف المعيشة.

يتضح بأن جملة "المال لا يجلب السعادة" لا تعبر تماما عن العلاقة بين الأشخاص والمال والسعادة. فقد يجلب المال السعادة أو على الأقل ينتج عنه توتر أقل. والمكان الوحيد الذي يرتبط فيه المال والسعادة بشدة هو عندما يكون الشخص غير قادر على تلبية احتياجاته الأساسية، وهنا يأتي دور الحكومات والشركات في تقديم فرص عمل تسمح للناس بالمحافظة على حياة كريمة.

Zeina Issa
  • قام بإعلانها Zeina Issa - ‏06/06/2016
  • آخر تحديث: 06/06/2016
  • قام بإعلانها Zeina Issa - ‏06/06/2016
  • آخر تحديث: 06/06/2016
تعليقات
(0)