وجد أصحاب العمل أنفسهم، في هذا العام، في مواجهة عالمٍ جديد للموارد البشرية يتّسم بسرعة التطوّر. ومع الضغط الذي يفرضه التضخّم على كلٍّ من أصحاب العمل والموظفين، وظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) الذي يضيف مستوىً جديداً من التعقيد والشكوك الجيوسياسية التي تؤثر على الشركات العالمية، أصبح واضحاً أن الموارد البشرية تتغير باستمرار. ومع دخولنا عام 2024، سندرس الاتجاهات السبع للموارد البشرية التي أدّت إعادة تشكيل بيئة العمل. وبالتالي، ستؤثر هذه الاتجاهات على أصحاب العمل في سُبل استقطاب الموظفين والاحتفاظ بهم وتدريبهم، وستلعب أيضاً دوراً جوهرياً في تحديد الثقافة المؤسسية ككل.
فيما يلي الاتجاهات السبع للموارد البشرية التي ستشكّل المؤسسات في عام 2024:
مع دخولنا عام 2024، لم يعد مفهوم أسبوع العمل الذي يمتد لأربعة أيام فقط هو مجرد مفهوم، بل سرعان ما أصبح هذا النمط هو المفضل بين الموظفين. ويعود هذا التحوّل في أوقات العمل إلى رغبة الأفراد في الحصول على أسلوب حياة أكثر توازناً وحاجة الشركات إلى تقديم مزايا جذابة في سوق عملٍ يتّسم بالتنافسية. ووفقاً لدراسة استطلاعية أجرتها مؤسسة جارتنر في عام 2023 ، فقد أفاد 63% من الباحثين عن عمل أنهم يفضلون كثيراً فكرة العمل لأيام أقل وبالراتب ذاته، مما يجعلها ميزة رائدة في المؤسسات.
كما أن تقصير أسبوع العمل يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستوى تركيز الموظفين وتحسين جودة حياتهم بشكلٍ عام. علاوةً على ذلك، تُعدّ هذه الخطوة خطوةً استراتيجية كونها ستُحافظ على الموظفين المهمّين وتُرسّخ المكانة المتميّزة للشركة. ومع ذلك، لا يتعلق الأمر فقط بمنح الموظفين عطلة نهاية أسبوعٍ أطول، بل يتطلب أيضاً تطبيق منهجيةٍ دقيقة لتنظيم جداول العمل، والتأكُّد من أن لكل ساعة قيمةً حقيقية، فضلاً عما سينعكس بقوة على التوازن بين العمل الفردي والعمل التعاوني.
فيما يلي بعض الأسباب التي تعزز من أهمية أسبوع العمل لمدة أربعة أيام:
أصبح فهم الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل أمراً ضرورياً وليس مستقبلياً. كما أصبح استخدام الذكاء الاصطناعي في إجراءات الموارد البشرية شائعاً بشكلٍ متزايد، نظراً لقدرة الأنظمة التقنية على تقديم رؤى تحليلية وتحسين العمليات. كما امتدّت فوائد الذكاء الاصطناعي لتصل إلى إجراءات التوظيف، حيث استطاعت أدوات مثل Bayt AI+ تقديم المساعدة في إعداد الأوصاف الوظيفية بشكلٍ أسرع وبناءً على احتياجاتكم الخاصة.
وشهد الذكاء الاصطناعي استخداماً متزايداً من الشركات لغايات مختلفة، بما في ذلك دراسة السير الذاتية وتخصيص الدورات التدريبية. إلا أننا يجب أن نؤكّد على أن الذكاء الاصطناعي هو أداة لتعزيز قدرات مهام إدارة الموارد البشرية، وليس استبدالها. وبالتالي، هناك طلب كبير على الموظفين الذين يفهمون الذكاء الاصطناعي ويمكنهم العمل معه، حيث يمكنهم الاستفادة من هذه الأدوات لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة وصنع القرار.
فيما يلي بعض أسباب أهمية دور الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية:
يُعد حشد قوة عاملة متنوعة من الاتجاهات المهمة التي تُطبّقها إدارات الموارد البشرية في عام 2024. وقد وضعت الشركات مبادرات التنوع والمساواة والشمولية كجزء من أولوياتها لتعزيز ثقافة الانتماء، حيث يشعر كل موظفٍ بالتقدير والاحترام، بغض النظر عن خلفيته.
يتطلب هذا الاتجاه القيادي تعزيز دمج فئاتٍ مختلفة من الموظفين بين جميع المناصب والتأكّد من انخراطهم بسلاسة. كما يعدّ بناء ثقافةٍ مؤسسية تتقبّل القوى العاملة المتنوعة أمراً جوهرياً لتصبح مديراً أفضل. وبالتالي، يجب وضع استراتيجية شاملة للقوى العاملة تركّز على الموارد البشرية لمواءمة التخصصات المختلفة في توظيف العمال من جميع مناحي الحياة.
فيما يلي بعض أسباب أهمية اتجاه الموارد البشرية هذا:
مع تقدمنا في هذا العام، لا تزال زيادة خيارات العمل الهجين تمثل اتجاهاتٍ مهمة في عالم الموارد البشرية لعام 2024. وتطوّر تعريف “المكتب”، مما جعل النماذج الهجينة شائعة حيث أصبحت تمزج بين العمل عن بُعد والتواجد التقليدي في المكتب. إلا أن هذه المرونة استطاعت أن تعزز من قدرة القوى العاملة على التوازن بين العمل والحياة. ووفقاً دراسة استطلاعية أجرتها شركة ماكينزي ، فإن 52% من القوى العاملة تُفضل العمل ضمن نموذج عمل أكثر مرونة، وأن الشركات أصبحت تأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار.
علاوةً على ذلك، تجمع ظروف العمل الهجينة أفضل ما في العالمين: التعاون بين الموظفين والتفاعل الاجتماعي للحياة المكتبية مع التركيز والراحة في العمل من المنزل. ويعيد هذا الاتجاه للموارد البشرية تشكيل سُبل استخدام مساحة العمل وإنجاز العمل. كما أنه دفع الشركات إلى إعادة التفكير في سياسات العمل وإعادة تصميمها لتتمكّن من تحسين الإنتاجية ورضا الموظفين حتى يستطيع الموظفون العمل بشكلٍ جيد من المنزل أيضاً.
فيما يلي بعض الأسباب التي تجعل من هذا التحوّل إلى العمل الهجين مهماً:
في عام 2024، برزت الحاجة إلى تحسين مستوى الكفاءات وتطوير إجراءات توظيف تستند إلى المهارات. فبعد أن ولّت أيام السيرة الذاتية التقليدية، توجّه أصحاب العمل نحو توظيف الكوادر بناءً على المهارات، مع التركيز على قدرات المرشحين وإمكاناتهم بدلاً من مؤهلاتهم الرسمية. كما انعكس إعادة تشكيل الصناعات من خلال الأنظمة التقنية ونماذج الأعمال الجديدة على المزيد من اتساع الفجوة في المهارات.
وعليه، أصبح ضرورياً تعليم الكوادر مهارات إضافية لتحسين أدائهم الوظيفي الحالي وتعزيز مهاراتهم وتدريبهم على الأدوار الجديدة تماماً وإعادة تشكيل مهاراتهم. ستُساهم هذه الخطوة في الحفاظ على اطلاع الموظفين حول أحدث التقنيات والاتجاهات وتعزيز ثقافة النمو والقدرة على التكيُّف. علاوةً على ذلك، تُشير تقارير ماكينزي إلى أن ما يصل إلى 375 مليون عاملاً على مستوى العالم قد يحتاجون إلى تبديل مستوياتهم المهنية بحلول عام 2030 وتعلّم مهارات جديدة.
فيما يلي بعض الدوافع وراء تنمية الكفاءات وتطوير إجراءات توظيف تستند إلى المهارات:
يُعدّ اتخاذ أي قرار بناءً على البيانات من أهم الاتجاهات التي شهدتها الموارد البشرية في عام 2024. فمن خلال تحليل بيانات القوى العاملة ومعايير الموارد البشرية، أصبح بإمكان المؤسسات الحصول على رؤى قيّمة حول مشاركة الموظفين والاحتفاظ بهم وأدائهم، مما مكّنهم من اتّخاذ قرارات مُستنيرة لدفع نجاح الأعمال. فيما يلي بعض هذه الفوائد:
يعدّ تشكيل تجربة إيجابية للموظفين أمراً جوهرياً لاستقطاب أفضل الكفاءات والاحتفاظ بها. لذا يعطي أصحاب العمل الأولوية لمبادرات تجربة الموظف، بما في ذلك خطط التطوّر الوظيفي الشخصية وبرامج التقدير الهادفة وبيئات العمل التعاونية، وذلك لضمان الحصول على رضا الموظفين ومشاركتهم. فيما يلي بعض فوائد التركيز على تجربة الموظف:
مع اختتام المناقشة حول الاتجاهات السبع للموارد البشرية لعام 2024، أصبح واضحاً أن هناك توجّها لإعادة تشكيل مستقبل العمل. فقد تنوّعت هذه الاتجاهات بدءاً من تبني العمل لأسبوع مدته أربعة أيام إلى الاستفادة من قوى عاملة متنوعة، وزيادة خيارات أنظمة العمل الهجينة، وإعطاء الأولوية لتحسين الكفاءات واستخدام منهجيات تستند إلى البيانات، وسلّطت الضوء على البيئة المتطورة للموارد البشرية.
ومن خلال تبنّي هذه الاتجاهات، أصبح بإمكان الشركات ضمان البقاء في طليعة الابتكار. وفي نهاية المطاف، يتمحور كل هذا حول استقطاب ورعاية أفضل الكفاءات في عالم دائم التغيُّر.