خلال العام الماضي، شهدت المملكة العربية السعودية سلسلةً من التغييرات التحويلية، تراوحت بين إصلاحات مهمة في إجراءات التوظيف وفتح فرص مثيرة في قطاع السياحة. وقد انعكس ذلك في الجهود الاستراتيجية التي من شأنها تمكين مواطنيها في القوى العاملة وفي الوقت نفسه جذب مساهمات من المستثمرين العالميين التي من شأنها تعزيز نمو الأمة. فكيف تتماشى رؤية 2030 مع مبادرة التوطين؟
فيما يلي بعض الأمور المهمة التي يجب فهمها عند الحديث عن التوطين ورؤية 2030 :
١. أين نحن اليوم؟
٢. الإطار الحالي
٣. التغيرات في عام 2021
٤. المستقبل ورؤية 2030
على مدى العقدين الماضيين، كانت مبادرة التوطين في المملكة العربية السعودية ، وخاصة ضمن إطار “نطاقات”، عاملاً ضرورياً في إعادة تشكيل القوى العاملة في المملكة. ويشير إطار “نطاقات” إلى نظام التصنيف والتقييم الذي تستخدمه الشركات السعودية في إجراءات التوظيف. وقد تم إجراء العديد من التعديلات خلال هذه الفترة لتعزيز فُرص توظيف المواطنين السعوديين كجزء من مستقبل العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ولكن هناك سؤال بالغ الأهمية تطرحه كل هذه التطورات الثورية: كيف يؤثر التوطين على قدرة الشركات على التفاعل مع العمالة الوافدة؟ وما هي النتائج التي حصدناها اليوم؟ كما أنه من المهم دراسة هذه العلاقة لأنها تجعلنا ندرك التقدم المستمر الذي تحرزه المملكة نحو رؤية 2030.
يستخدم إطار “نطاقات” طريقة الترميز بالألوان للتمييز بين الشركات السعودية، حيث تنتقل الشركات من الأحمر (غير متوافق) إلى البلاتيني (الأعلى).
علاوةً على ذلك، تختلف إجراءات التوظيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن بقية العالم. لذا، أصبحت حسابات التوطين تأخذ في الاعتبار الآن الرواتب المدفوعة للمواطنين السعوديين، مع زيادات طفيفة في الحد الأدنى للرواتب. كما أن الحساب الفوري للموظفين السعوديين يتم من خلال عملية أكثر بساطةً حيث يتم احتسابه من اليوم الأول بدلاً من الـ 26 أسبوعاً السابق.
أما الإنجاز الكبير فقد كان في عام 2019 عند طرح تأشيرة السياحة التي تقدم تأشيرات مجانية عند الوصول لـ 49 جنسية.
في عام 2021، أدت التغييرات الكبيرة في مشهد العمالة الوافدة في السعودية إلى تشكيل مبادرة رؤية 2030.
كان مشروع التحقّق المهني، الذي تم طرحه في يوليو 2021، بمثابة خطوة ثورية في هذا الاتجاه. وقد قامت الحكومة بتقييم كفاءات المواطنين الأجانب في 1,000 مهنة متخصصة ضمن 23 منطقة بهدف استقطاب الكفاءات الوافدة ذوي المهارات العالية مع ضمان حصول السكان المحليين على الكثير من الفرص.
إضافةً لذلك، في عام 2019 قامت المملكة بإلغاء تأشيرة زيارة العمل قصيرة الأمد واستبدلتها بتأشيرة زيارة عمل مؤقتة وذلك لسد الفجوات الموجودة في النظام السابق، وبالتالي حماية إطار “نطاقات”. وكان من المتوقع أن تجد الشركات متعددة الجنسيات والكفاءات الأجنبية التي تبحث عن مهام عمل قصيرة الأمد في السعودية هذه التأشيرة الجديدة مفيدة لعملياتهم بشكلٍ خاص.
وتسلط هذه التعديلات الضوء على سياسة العمالة الوافدة المرنة التي طوّرتها السعودية والتي تتوافق مع أهداف رؤية 2030.
توجه رؤية 2030 المملكة نحو مستقبلٍ مزدهر. فقد طمحت السعودية إلى تطوير قطاعات السياحة والتصنيع والتعليم، من خلال مشاريع مثل مشروع نيوم، المدينة الخالية من الكربون التي استقطبت وانتجت استثمارات دولية وصلت إلى حوالي 380 ألف موظف.
وقد تغير وضع العمالة الوافدة في المملكة بشكلٍ كبير بما يتماشى مع التحولات الاقتصادية. وهنا جاءت مبادرة إصلاح إجراءات العمل لتركز على تقليل الصعوبات التي تواجه العمالة الوافدة من خلال إلغاء شرط الحصول على إذن أصحاب العمل لمغادرة أو دخول المملكة. كما أن عملية نقل الوظائف بين شركات القطاع الخاص أصبحت الآن أكثر كفاءة، لكن أولاً، يجب تلبية بعض المتطلبات الأساسية.
نتيجةً لذلك، يُشير هذا إلى إحداث توازن دقيق في سُبل تطوّر أنظمة التوظيف في المملكة العربية السعودية. فبالرغم من أن توفير فرص العمل لمواطنيها هو الهدف الرئيس من التوطين، إلا أن المملكة تسعى أيضاً إلى استقطاب استثمارات من مناطق أخرى. لذلك، فإن هذه التطورات تتطلب تخطيطاً استراتيجياً من الحكومة والشركات والممارسين، من المرجح أن تُظهر توازناً دقيقاً بين التعاون الدولي والمواطنين السعوديين.
أصبح تحقيق التوازن الصحيح بين مساعدة السكان المحليين واحتضان الأعمال التجارية الأجنبية من المحاور الجوهرية في المملكة. وبالرغم من أن السعودية تسعى حالياً لتعديل قوانين العمل الخاصة بها، إلا أن آخر التغييرات المُطبّقة تتطلب حصول الشركات والمهنيين على استراتيجية للمُضي قُدماً.