في ظل تزايد تسريح الموظفين من الشركات حول العالم، أصبح الموظفون يعانون من حالة خوفٍ دائم من فقدان وظائفهم واستغل أصحاب العمل هذه الحالة لصالحهم. حيث يقول البعض أن الهدف من وراء التسريح هو تشجيع الموظفين على بذل قُصارى جهدهم لإنجاز مهام الشركة. بينما يرغب الآخرون في التخلص من سلوكيات الموظفين السيئة في مكان العمل، أو تقليل التكاليف أو حرمان موظفيهم من المزايا والترقيات. ومع كل تلك التبريرات تبقى هناك حقيقة واحدة واضحة تمامًا، ألا وهي أن غياب الأمان الوظيفي يؤثر سلبًا على الموظفين وأدائهم.
ومع ذلك، قد يؤدي غياب الأمان الوظيفي إلى تحسين أداء الموظفين على المدى القصير وتصحيح بعض السلوكيات لديهم، ولكنه يؤثر سلبًا على الشركة على المدى الطويل. لذا، سنعرض في هذه المدونة أثر غياب الأمان الوظيفي على الشركات.
قد لا يلتزم الموظفون الذين يعانون من غياب الأمان الوظيفي بقواعد العمل
قد يبذل الموظفون الذين يشعرون بأنهم عُرضةً لخطر الطرد من وظائفهم المزيد من الجهود للمحافظة على مناصبهم، وذلك من خلال الالتزام بالمواعيد النهائية لتسليم المهام، وتجنب أخذ استراحات طويلة خلال أوقات الدوام، بالإضافة إلى المشاركة في تنفيذ المشاريع مع زملائهم والعمل لساعاتٍ إضافية. ولكن، على المدى الطويل ومع كثرة المهام الموكلة لهم، بالإضافة إلى الجهد المُضاعف الذي يبذلونه لإنجاز تلك المهام، يُصبح هؤلاء الموظفون أكثر ميلًا لخرق تلك القواعد.
ولعلّك تتساءل “كيف يُمكن أن يحدث ذلك؟”
لنتخيل أن هناك موظف يعرف أنه مُعرض لخطر الطرد، ماذا سيفعل حينها؟ إنه وبكل تأكيد سيلجأ إلى إعفاء زملائه من عملهم الإضافي أو العمل لساعاتٍ إضافية لتجنب وقوع هذا الأمر.
ولكن، برأيك ما الذي سيحدث في غضون ثلاثة أشهر مثلًا؟
إن شعور هذا الموظف بالاستياء سيبدأ بالازدياد تدريجيًا، بالإضافة إلى الشعور بعدم الراحة والقلق، وبالتالي سيبدأ في البحث عن طرق للتخلص من تلك المشاعر. ولكن ليس من خلال التوقف عن القيام بالمهام الإضافية كما قد تتوقع، بل من خلال اتباع عادات تأقلم غير صحية مثل (تناول الكافيين، أو الإفراط في تناول الطعام أو الامتناع عنه، أو العُزلة وغيرها من العادات)، وذلك لأن ضبط النفس اللازم لاتباع القواعد الإضافية يتطلب قدرة إدراكية كبيرة، تمامًا كما هو الحال مع الأداء. وفي النهاية يُصبح ذلك الموظف أكثر أنانية ويقل لديه أي شعور بالولاء تجاه الشركة، وذلك من خلال تداول ومشاركة أسرارها أو غيرها من المعلومات السرية مع الشركات الأخرى أثناء بحثه عن وظائف جديدة.
إن غياب الأمان الوظيفي يؤدي إلى عدم الإخلاص في العمل
إن الشركات التي تتبع أسلوب المكافأة والعقاب تدفع موظفيها للانشغال بإنجاز المهام الظاهرية للحصول على رضا مدرائهم، بدلًا من الانشغال في تحسين أدائهم. بالإضافة إلى إهمال الأهداف المستقبلية، والانشغال في تحقيق الأهداف قصيرة المدى من أجل الحصول على المكافآت فقط.
فعلى سبيل المثال، قد يُطلب من مطوّر مواقع ويب يعاني من غياب الأمان الوظيفي تصميم موقع إلكتروني لمشروعٍ جديد، وبالفعل يقوم بتصميم موقع تبدو واجهته رائعة، ولكنه مبني على رموز عشوائية. حيث أنه لا يهتم بإتقان عمله، بل يسعى فقط للحصول على المكافأة، والتي قد تكون عبارة عن تقييم ممتاز للأداء، أو لقب موظف الشهر، أو توصية على موقع لينكد إن تساعده أثناء بحثه عن وظيفة.
إن جعل موظفيك يشعرون بغياب الأمان الوظيفي يُعتبر بمثابة تدمير لشركتك، حيث يُصبح هؤلاء الموظفون يعملون من أجل الحصول على تقديرك فقط، لا من أجل تقديم مساهمات قيّمة أو مساهمات مستقبلية للارتقاء بشركتك.
قد يقوم الموظفون الذين يعانون من غياب الأمان الوظيفي بإيذاء زملائهم في العمل عمدًا
إن شعور الموظفين بغياب الأمان الوظيفي في شركاتهم، يدفعهم لمقارنة أنفسهم بزملائهم، وبالتالي مضاعفة أدائهم في العمل للتفوق عليهم والحصول على رضا مدرائهم في نهاية المطاف، لا من أجل تحقيق مصالح وأهداف الشركة.
ومن المعروف أن قوة الشركة تكمن في وحدتها. وبالتالي عندما يتنافس الموظفون فيما بينهم، ويقومون بإخفاء المعلومات عن بعضهم، بالإضافة إلى الكذب، وإفتعال المشاكل، تُصبح شركتك على حافة الانهيار. كما أن المنافسة غير المهنية لا تحد من الشعور بغياب الأمان الوظيفي لديهم، بل على العكس تمامًا، حيث تشكل ضغطًا إضافيًا عليهم وتؤدي في النهاية إلى تفاقم الشعور بهذا الغياب.
إن الشركات التي تمتلك عددًا كبيرًا من الموظفين الذين يعانون من غياب الأمان الوظيفي، تفقد قدرتها على توظيف الكفاءات والاحتفاظ بها
حيث يقوم هؤلاء الموظفون بنقل تجاربهم مع تلك الشركات على المواقع المختصة بتقييم الشركات مثل موقع جلاسدور وغيره. عندئذٍ، ستمتنع الكفاءات عن العمل في شركتك وتحث غيرها على ذلك، وهذا سيلحق الضرر بشركتك في نهاية المطاف. وقد أشارت دراسة أجراها بيت.كوم إلى أن 46% من الموظفين يفضلون العمل لدى الشركات التي توفر لهم الأمان الوظيفي على المدى الطويل.