كيف تخرج من منطقة الراحة وتبدأ بتطوير مسارك المهني

من الطبيعي أن نسعى خلال حياتنا المهنية إلى إيجاد بيئةٍ نشعر بها بالاطمئنان والراحة، وهذا يعني وظيفةً مستقرة ومهام مألوفة وروتين يمكننا الاعتماد عليه. لكن بالرغم من أن البقاء في هذه المنطقة قد يبدو آمنًا، إلا أنه قد يؤدي أيضًا إلى شعورٍ بالركود. وتذكّر أن التطوّر المهني الحقيقي غالبًا ما يبدأ عندما نتجاوز حدود توقعاتنا، ونبدأ في اكتشاف أنماطٍ أخرى جديدة قد لا تُشعرنا بالراحة نتيجة التغيير وعدم اليقين وحاجتنا إلى التعلّم.

ماذا تعني منطقة الراحة في الحياة المهنية؟

تُشير منطقة الراحة إلى تلك المساحة الذهنية التي نشعر فيها بالأمان والسيطرة. وفي مكان العمل، تعتبر هذه المنطقة المكان الذي تؤدي فيه مهام مألوفة، وتتجنّب المخاطر، وتعمل بأقل قدرٍ من التوتر. وبالرغم من أن منطقة الراحة توفّر لك شعوراً بالاستقرار، إلا أنها قد تمنعك أيضاً من استكشاف فرصٍ جديدة وتعلّم مهارات جديدة، مما يؤثر في المُحصّلة على تقدّم حياتك المهنية.

تخيل أن تبقى في وظيفةٍ أتقنت كل مهمةٍ فيها. قد يُشعرك ذلك بالراحة، لكن بمرور الوقت، ستتوقف عن التطوّر والتعلّم وتحدّي نفسك. وبالرغم من أن تمتُّعك بشعور الأمان ليس أمرًا سيئًا بالضرورة، إلا أن البقاء في هذه الأجواء المريحة لفترةٍ طويلة جداً يمكن أن يؤدي بك إلى الركود المهني ويُضيع عليك الكثير من الفرص.

منطقة الخوف: لماذا نتجنّب مغادرة منطقة الراحة

عندما نفكر في الخروج من منطقة الراحة، غالبًا ما نواجه منطقة الخوف، وهي تلك المساحة التي يتسلّل بها الشك إلى أنفسنا وتُشعرنا بعدم اليقين والخوف من الفشل. وسواءً أكان هو الخوف من الرفض أو متلازمة المحتال أو القلق حيال تعلّم شيءٍ جديد، فإن هذه المشاعر غالبًا ما تقف عائقًا أمام تقدّمنا.

فيما يلي بعض المخاوف الشائعة التي تواجه الخبراء عندما يفكرون في التغيير:

  • الخوف من الفشل: "ماذا لو حاولت وفشلت؟"
  • الخوف من الرفض: "ماذا لو لم أكن جيدًا بما يكفي لتولي هذا الدور الجديد؟"
  • الخوف من المجهول: "لست متأكدًا مما أتوقعه إذا خضت هذه المجازفة."

ولكن، يجب أن نُقرّ بأن الخوف أمرٌ طبيعي، كونه شعورٌ ينتاب الجميع عند الدخول في تجربةٍ جديدة، لكن المفتاح هو عدم السّماح لهذا الخوف أن يمنعك من التطور.

لماذا يُعد الخروج من منطقة الراحة أمرًا بالغ الأهمية للتطوّر المهني

إذا كنت ترغب في التقدّم في حياتك المهنية، فإن المخاطرة وتجاوز الحدود هي محاور أساسية في رحلتك هذه. فيما يلي بعض الأسباب التي تستدعي أن تتحرك للخروج من منطقة الراحة لتتمكّن من تحقيق النجاح:

  • يحدث التطوّر دومًا نتيجة حالة عدم الراحة: إذا قمت بتحدّي نفسك، ستتمكّن من تطوير مهارات جديدة وتكتشف نقاط قوة لم تعهدها وتطوّر بداخلك مهارة المرونة. وفي كل مرة تتولى فيها شيئًا غير مألوف، ستنمو على المستويين الشخصي والمهني.
  • فرص جديدة تُفتح بالأُفق: غالبًا ما تكمن أفضل الفرص خارج منطقة الراحة التي تعهدها. كما أن تولّي دورٍ قيادي أو تعلّم تقنيات جديدة أو تغيير المهنة يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف آفاقٍ جديدة في حياتك المهنية لم تكن لتصل إليها لولا ذلك.
  • زيادة الثقة: في كل مرةٍ تنجح فيها في التغلُّب على التحدي، ستتمكّن من تعزيز ثقتك بنفسك، وبالتالي ستتمكّن من مواجهة تحدياتٍ أكبر في المستقبل.
  • القدرة على التكيُّف: في هذا العالم الذي يتّسم بسرعة التغيير، تُعدّ القدرة على التكيُّف مهارةً بالغة الأهمية. ومن خلال تولّي أدوار جديدة وتعلّم مهارات جديدة وتبني التغيير، ستُصبح أكثر مرونة وقدرةً على التكيُّف - وهي سِماتٌ يُقدّرها أصحاب العمل بقوة.

منطقة التعلّم: تحويل الانزعاج إلى تطوّر

بمجرد أن تتجاوز منطقة الخوف، ستدخل منطقة التعلّم، وهي المكان الذي تكتسب فيه مهاراتٍ جديدة وتستكشف أفكارًا جديدة وتوسّع معرفتك. وهنا ستعيش في مساحةٍ تساعدك على الاستكشاف والتطوّر الشخصي، حيث تبدأ ببناء الكفاءة والثقة للتعامل مع التحديات الجديدة.

فيما يلي بعض السُّبل التي تُساعدك على التعامل مع منطقة التعلّم في حياتك المهنية:

  • ابحث عن تحدياتٍ جديدة: تطوّع في مشاريع تدفع حدودك. وسواءً أكان الأمر يتعلق بقيادة فريق أو إدارة مشروع جديد أو تعلم مهارة جديدة، فإن الدخول في تجربة غير مألوفة من شأنه أن يسرّع من تطوّرك.
  • كن مُنفتحًا وتقبّل الملاحظات: حتى تتعلّم شيئًا جديدًا، من المؤكد أنك سترتكب الأخطاء. لذا، تقبّل الملاحظات من المرشدين أو المديرين أو الزملاء، واستخدمها لصقل مهاراتك.
  • التعلّم المستمر: تَبنّى عقلية التعلّم مدى الحياة. وعليه، سجّل في دورات تُفيدك أو احضر وُرش عمل أو تعلّم برامج جديدة - أي شيء يساعدك على البقاء مُتّصلًا بخبراتك ومتقدمًا في مجالك.
  • من خلال الدخول في منطقة التعلّم، ستتمكّن من تطوير مهارات المرونة وحل المشكلات التي ستُسهم في إعدادك لمواجهة تحدياتٍ مهنية أكبر في المستقبل.

منطقة التطور هي مكان التحوّل الحقيقي

بعد التغلُّب على شهور عدم الراحة الناجم عن الخوف والتعلّم، ستصل في النهاية إلى منطقة التطوّر حيث المكان الذي تبدأ فيه حقًا بإدراك إمكاناتك وتحقيق أهدافك المهنية. وفي هذه المنطقة، ستتولى مسؤولية مسار حياتك المهنية وتدفع نفسك للوصول إلى مستوياتٍ أعلى، وستعمل على تغيير مهاراتك وعقليتك أيضاً.

فيما يلي بعض التغييرات التي ستحدث عندما تدخل منطقة التطوّر:

  • تحقيق الأهداف: منطقة التطوّر هي المكان الذي تحدّد فيه أهدافك الطموحة وتبدأ في تحقيقها. وهنا ستتولى أدوارًا قيادية ومسؤولياتٍ أكبر، أو حتى ستنتقل إلى قطاعات جديدة.
  • زيادة الابتكار: كلما ابتعدت أكثر عن منطقة الراحة، ستُصبح أكثر إبداعًا وابتكارًا، وستبدأ في رؤية حلولٍ للمشاكل التي كانت تخيفك في السابق.
  • تحقيق الذات: يمكن أن يؤدي البقاء في منطقة التطوّر إلى زيادة مستوى الرضا الوظيفي. كما أن السعي المستمر لمواجهة التحديات واكتساب مهارات جديدة والعمل على التطوّر الشخصي سيُبقيك مُتحفزًا ومنخرطًا في حياتك المهنية.

كيف تخرج من منطقة الراحة في حياتك المهنية

إن الخروج من منطقة الراحة أسهل قولًا من الفعل، لكن فيما يلي بعض النصائح التي ستُساعدك على اتخاذ هذه الخطوة:

  • ابدأ بخطوة صغيرة: لست مضطرًا إلى إجراء تغييراتٍ هائلة بين عشيةٍ وضحاها. ابدأ بتحدياتٍ صغيرة، حيث يُمكنك أن تتولّى مهمة جديدة، أو تُشارك في فعالية لتعزيز علاقاتك أو تطوع في مشروع جديد. كل خطوةٍ صغيرة ستبني ثقتك بنفسك وتجهزك لمواجهة تحديات أكبر.
  • حدّد أهدافًا بعيدة المدى: حدد أهدافًا تدفعك إلى ما هو أبعد مما تشعر بالراحة معه حاليًا. يجب أن تكون هذه الأهداف بعيدة المدى طموحةً بما يكفي لتحديك، لكن يمكن تحقيقها بما يكفي لإبقائك متحفزًا.
  • ابحث عن مرشد: يستطيع المرشد أن يقدّم لك التوجيه والتشجيع عندما تخرج من منطقة الراحة الخاصة بك. وقد يكون هذا المرشد قد واجه تحدياتٍ مماثلة ويمكنه تقديم المشورة لمساعدتك في التنقل في هذه الرحلة.
  • تقبّل الفشل كجزء من العملية: نادرًا ما يحدث التطوّر دون انتكاسات. وبدلًا من الخوف من الفشل، انظر إليه كفرصة للتعلّم. وتذكّر أن كل خطوةٍ خاطئة تُقرّبك من إتقان مهاراتٍ جديدة.
  • احتفل بالنجاح: عندما تنجح في خوض التحدّي، احتفل بذلك! إن تقدير التطوّر الذي حققته سيحفزك على الاستمرار في تجاوز حدودك.

قد تشعر بالأمان في منطقة الراحة الخاصة بك، لكنها ليست المكان الذي يحدث فيه التطوّر. أحياناً، قد تكون الرحلة غير مريحة، لكن عدم الراحة تلك تكشف أمامك إمكاناتك الحقيقية.

إذًا، هل أنت مستعد لاتخاذ الخطوة الأولى للخروج من منطقة الراحة الخاصة بك؟ وظيفة أحلامك قد تكون بانتظارك بعد منطقة الراحة مباشرةً! تفضلّ بزيارة هذا الرابط لتستكشف الفرص الجديدة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على بيت.كوم.

Natalie Mahmoud Fawzi Al Saad
تعليقات
(0)