خلال اجتماع أبرز مسؤولي قطاع الموارد البشريّة في "منتدى التقطير" الذي استضافه بيت.كوم، أكبر موقع للتوظيف في الشرق الأوسط، تمّ التوافق بالإجماع على أنّ الحفاظ على الموظفين هو الدافع الأكبر للمؤسسات للمحافظة على الأفضلية التنافسية في المنطقة. وقد وافق أعضاء المنتدى الإحدى عشر أيضاً على أنّ تصميم برامج خاصّة للتدريب والتطوير هو حافز أساسي لتعزيز المشاركة المحليّة في مجالات تتعدى وظائف القطاع العام "الآمنة" والقطاعات التقليدية مثل قطاع النفط والغاز.
وكانت مسألة التوطين الوظيفي، وهي دافع أساسي في سياسة الموارد البشرية وموضوع ذو أهمية وطنية في قطر، المسألة الرئيسة خلال منتدى بيت.كوم. وضمّ المشاركون أهمّ أصحاب القرار في مجال الموارد البشرية وأهمّ النافذين في المنطقة، والذين عبّروا عن آرائهم وتشاركوا المعلومات المتعلّقة بالدوافع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تؤثّر في رأس المال البشري والتي ستعيد تحديد السياسات المتعلّقة بالموارد البشرية في المؤسسات الإقليمية.
إلى ذلك، وجد المنتدى أنّه ثمّة تحدّيات عديدة تواجه حركة "التقطير" بشكل عام وتحدّد شكل التوظيف في قطر من وجهة نظر المواطنين. وثمّة عوامل مختلفة تساهم في هذه المشكلة، ألا وهي أنّ عدد المواطنين القطريين الذين يتمتّعون بالمستوى التعليمي المطلوب فضلاً إلى التدريب لا يستجيب لتلبية الوظائف كافّة ما يؤدّي إلى نقص في شغل بعض الوظائف المعيّنة، في حين أنّ ما يرغب فيه القطريون أكان من ناحية ساعات العمل أم ممارسته قد تحول دون إيجاد الشخص المناسب للوظيفة المناسبة وبالتالي عدم ملاءمة الوظائف الشاغرة والمتوافرة في القطاع الخاص.
وشرح السيد عامر زريقات من بيت.كوم الأمر قائلاً "بالرغم من أنّ منطقة الشرق الأوسط تشهد نمواً هائلاً يتخطّى في بعض الأحيان نمو البلدان المتطوّرة، يبقى التحدّي الرئيسي الذي تواجهه المؤسسات الخاصة، وبالإضافة إلى المنافسة، المحافظة على أصولها الأكثر حيويّة وتطويرها، ونعني بذلك الموظفين."
وأضاف قائلاً: "إنّ ذلك ينطبق تماماً على قطر حيث تزداد المنافسة على أفضل المواهب حِدّة من أجل ملء الوظائف الشاغرة في القطاعات التي تشهد نموّاً هائلاً في قطر، غير أنّ التدريب والتوجيه الوظيفي ليس بكافٍ ولا يلبّي الوظائف الشاغرة في القطاع الخاص."
وانعكست أهمية تدريب الموظفين وتط ويرهم في بحثٍ مستقلّ أجراه موقع بيت.كوم وYouGovSiraj مؤخراً حول ثقة المستهلك في المنطقة. ويُستخدم هذا البحث لفهم طريقة تصرّف المستهلك الشرق أوسطي تجاه الإقتصاد والوظيفة وسوق التوظيف عامّةً.
ويظهر تقرير بيت.كوم وYouGovSiraj حول مؤشر ثقة المستهلك (متوافر على موقع www.Bayt.com ) الذي أُعدّ في شهر مايو2008، مستويات مدهشة من عدم الرضا بفرص العمل المتوافرة في قطر.26% فقط من المشاركين في البحث أعربوا عن رضاهم بعملهم الحاليّ وبمستقبلهم المهنيّ، في حين أبدى43% الحياد بالنسبة إلى الموضوع."
كما اعتبر20% من المشاركين القطريين أنّ معدّلات الرضا بالنمو الوظيفي متدنية، مقابل36% قالوا إنّه عادي. وعلى الرغم من هذا التراجع، يبقى المشاركون القطريون الأكثر تفاؤلاً بالمستقبل من بين البلدان المشاركة مع58% يتوقّعون ازدياد فرص العمل العام المقبل بشكل ملحوظ بالمقارنة مع16% يتوقّعون ازدياد فرص العمل بشكل بسيط.
إلى ذلك، تثبت نتائج البحث الذي أجراه بيت.كوم عام2008 حول نسبة وفاء الموظّف لعمله والذي أجري بالتعاون مع YouGovSiraj، أنّ الموظّفين القطريين يظهرون أعلى النسب من الحيادية تجاه الرضا الوظيفي. فقط35% من الموظفين في قطر وافقوا على أنّ مؤسّساتهم تدرك كيف تثير حماس الموظّف من أجل أن يقدّم أفضل أداءٍ لديه، مقابل34% ممّن اعتبروا أنّ شركاتهم تنجح في الحفاظ على ذوي الكفاءات العالية.
وأضاف السيد عامر زريقات قائلاً: "كما أشارت نتائج البحث السابق، وعلى ضوء المواضيع التي تمّت مناقشتها خلال المنتدى، إلى أنّ وضع برامج تدريب وبرامج عمل متماسكة هو الحلّ لتمكين المواطنين القطريين من دخول السوق الوظيفي المحلي في قطر وتحقيق أثر إيجابي."
إلى ذلك، توافق المشاركون أيضاً على ضرورة تعريف الطلاب والمتخرّجين حديثاً بمنهجيات التدريب والتطوير المتوافرة، وذلك من خلال الاجتماع بمواطنين متقاعدين حقّقوا مسيرة مهنية ناجحة للاستماع إليهم والاكتساب من خبراتهم، والذين يوفّرون لهم أسساً متينة لما يجب توقّعه في العالم الحقيقي والحياة المهنية، فضلاً على كافّة الخصائص التي يمتاز بها العمل في قطر. وفي المقابل، لعلّ أهمّ ما يمكن لشركات القطاع الخاص القيام به هو بذل مجهود أكبر ل"بيع وظائفها" فتصبح بالتالي الوظيفة ضمن أقسامها فضلاً على فرص التطوّر والتقدّم الناتجة عنها خياراً جذّاباً ومثيراً للاهتمام. كما تمّ التوافق مع المؤسّسات التعليمية على تحسين العلاقة بين شركات القطاع الخاص والجيل الشاب من الطلاب المواطنين، وذلك من أجل تحفيزهم على العمل في تلك الشركات بعد التخرّج.
وقد أظهرت الإحصاءات المتكررة التي أجراها موقع بيت.كوم على الإنترنت أنّ فرص تطوير الحياة المهنية وتنميتها تتمتّع بأهمية أكبر بالنسبة إلى المحترفين المهنيين الذين يفكّرون بالقيام بخطوة مهنيّة جديدة عوضاً عن الاكتفاء بالمكافآت الفورية قصيرة المدى. وفي مايو2008، أظهر إحصاء لبيت.كوم أنّ أكثر من36% ممن شملهم الإحصاء أفادوا أنّ فرص النمو والتطور هي أهمّ ما يبحثون عنه في الوظيفة مقابل31% اختاروا الأجر المرتفع. وبالرغم من هذا العامل، توافق المنتدى على أنّ الأجور في بعض القطاعات لا تناسب التضخّم الحاصل، وبالتالي تصبح الرغبة في إيجاد وظيفة في تلك القطاعات محدودة جدّاً. ومع ذلك، وبرغم الأجور الأدنى التي يقدّمها القطاع الخاصّ، يبدو أنّ القطريين أكثر اهتماماً في العمل ضمن ذلك القطاع.
ومن ناحية أخرى، ثمّة عوامل مختلفة يجب أن تؤدّي دوراً هامّاً في تعزيز التحفيز نحو "التقطير". فزيادة عدد النساء العاملات من شأنه أن يزيد نسبة المواطنين القطريين العاملين في أي قطاع، أمّا اليوم، ونظراً إلى أنّ "التقطير" لم يعد يقتصر على قطاعات معيّنة فحسب، لا شكّ في أنّ اعتماد مقاربة عالميّة لتشجيع أفراد المجتمع كافّة على العمل، سيؤدّي إلى تعزيز المشاركة المحلية وبالتالي إنجاح التوطين الوظيفي.
وفي هذا الصدد، يقول السيد عامر زريقات من بيت.كوم: "أصبح التوطين الوظيفي أمراً مفروضاً، وفيما توافق الجميع على أنّ اعتماد التوطين الوظيفي في صالح كلّ من يزاول الأعمال في المنطقة اليوم، تبيّن أنّ الفائدة الأكبر من التوطين الوظيفي تأتي من "التوطين الوظيفي للمهارات الجيّدة". ويمكن التوصّل إلى ذلك عبر إجراء تدريباتٍ فعّالة ومرنة وتوقّعية للموظفين، واعتماد برامج تطويرية تناسب احتياجات الأفراد والمؤسسات. ويشمل ذلك تسخير فعاليّة الإنترنت، والتواصل مع الجامعات والمؤسّسات، وبشكل عام، تعزيز مستوى التنافسيّة في القطاع الخاص والحفاظ على أفضل الموظفين من الكفاءات الوطنية العالية."