على الرغم من آثار الأزمة المالية العالمية على الامارات العربية المتحدة، والتي اتسمت بانخفاض ثقة المستهلك للمرّة الرابعة على التوالي وسجّلت15 نقطة على مقياس المؤشر، فان فئة كبيرة من الباحثين عن عمل لا تزال متفائلة تجاه المستقبل الوظيفي. ففي دراسة أجراها موقع Bayt.com، أكبر موقع للتوظيف في الشرق الاوسط، بالتعاون مع YouGov ، توقّع28% من المجيبين تحسّناً في ظروف العمل و25% رأوا ان اقتصاد البلد يتجه نحو الافضل وذلك خلال العام المقبل.
وتكرّر مشهد انخفاض ثقة المستهلكين في جميع انحاء منطقة الخليج والمشرق العربي، وكانت الكويت الاكثر تضرراً حيث تراجعت الثقة بنسبة16.7 نقاط. أما البحرين فسجلت انخفاضاً بلغ12 نقطة، و8.9 نقاط في قطر. واللافت أن ثقة المستهلكين في المملكة العربية السعودية تراجعت أقل من0.9 نقطة مئوية واحدة ، في حين أن الثقة في سوريا ولبنان تراجعت بنسبة9.7 و8.0 نقطة على التوالي. ويتناقض التراجع الذي سُجِّل في لبنان في شباط / فبراير من هذا العلم مع ارتفاع المؤشّر25.5 نقطة في دراسةٍ أُجريت في تشرين الثاني / نوفمبر من العام الماضى.
بدت دول شمال افريقيا بوضعٍ افضل من الشرق الاوسط، حيث سجلت مصر تراجعاً بلغ4.4 نقاط فقط، في حين كانت الجزائر البلد الوحيد الذي سجل ارتفاعاً في ثقة المستهلكين بلغت1.5 نقطة.
إنّ مؤشر ثقة المستهلك يقيس توقعات المستهلك ورضاه تجاه مسائل عديدة متعلقة بالاقتصاد مثل التضخم النقدي وفرص العمل وتكلفة المعيشة.
وقال عامر زريقات المدير الاقليمي في موقع Bayt.com:" ان نتائج هذه الدراسة تشير الى ان اثار التدهور الاقتصادي العالمي لا يمكن ان تُؤخذ بمعزل عن غيرها، فهي تؤثّر سلباً على المنطقة، ودول الشرق الاوسط على وجه التحديد، والتي تأثّرت أكثر من غيرها. هذا النوع من البحوث مهمّ جداّ، فهو يسلّط الضوء على الشعور السائد حالياً نحو قطاع الاعمال والبيئة الاقتصادية، حيث ان الارقام تأتي من مستوى القاعدة الشعبية الاكثر تضرراً."
وأضاف زريقات:" ان اجراء هذه البحوث باستمرار ودراسة اراء الناس وتوقعاتهم وتغيراتها مع الوقت، يسمح لاصحاب الشركات، والعاملين في قطاع الموارد البشرية بالاستفادة من المعلومات الدقيقة حول كيفية تفكير المستهلكين، وتعطي الشركات القدرة على التكيّف وتغيير الاستراتيجيات المتبعة لتتلاءم مع الوضع الاقتصادي."
وقد سلّطت الدراسة الضوء على الوضع المالي للمشاركين، واذا كانوا يشعرون بأنهم أفضل أو أسوأ حالا مقارنة بالاشهر الاثني عشرة الماضية. في هذا النطاق، كانت النتائج إيجابية نسبياً على عكس التوقعات، واشارت الى ان الازمة المالية العالمية لا تؤثّر سلباً على الجميع في دولة المارات العربية المتحدة. اما على المستوى الاقليمي فانّ ربع من شملتهم الدراسة شعروا بأنهم افضل حالاً، ورأى34% انها اسوأ، في حين رأى35% من المشاركين ان وضعهم المالي لم يتغيّر.
وقد تحسّنت الظروف المالية الشخصية في كل من الجزائر، وقطر، والمملكة العربية السعودية حيث ان نسبة31% و29% و28% على التوالي من المشاركين أكّدوا ان ظروفهم المالية قد تحسّنت، في حين ان المشاركين في سوريا كانوا الاكثر تضرراً حيث ان48% منهم أكّدوا تدهور حالتهم المالية.
من جهة أخرى، ركّزت الدراسة على توقعات المستهلكين ودرجة تفاؤلهم حيال المستقبل وأظهرت نتائج ايجابية في الجزائر. أما في الامارات العربية المتحدة، فقد انخفض المؤشر بنسب12.3 نقاط، والكويت حيث كانت النتائج اقسى مع تراجع بنسبة14.7 نقاط، واتت من بعدها كل من قطر والبحرين مع انخفاض بنسبة9.5 و8.6 نقاط على التوالي حسب مقياس المؤشر الخاص. واتت سوريا بعد الجزائر حيث سجلت انخفاضاً بلغ1.9 فقط مما يوحي بالتفاؤل على الرغم من انخفاض ثقة المستهلك.
وقد توقّع نحو28% من الذين أدلوا بإجاباتهم تحسناً في الوضع الاقتصادي في يلادهم خلال سنة، بينما توقّع20% من المشاركين ان الاوضاع الاقتصادية لن تتغيّر. وفي الامارات العربية المتّحدة توقّع ربع المجيبين ان الوضع الاقتصادي سيتحسّن.
وحيال توقّعات الناس بخصوص تبدّل أوضاعهم المادية خلال سنة، اكّد38% انها ستتحسّن مقابل12% فقط من الذين يعتقدون ان اوضاعهم المادية ستكون اسوأ خلال عام، وقد سجّلت تونس أكبر درجة من التفاؤل في هذا النطاق، بنسبة55% من الناس الذين يتوقّعون تحسناً في أوضاعهم. وفي الخليج، سجّل المجيبون في المملكة العربية السعودية أعلى نسبة للتفاؤل مع46% من المشاركين يتوقعون تحسّناً في احوالهم المادية. وقد انقسمت الامارات بين المتفائلين (26%) والذي يعتقدون بأن احوالهم ستسوء (23%) مقابل22% يتوقعون استمرار الوضع على حاله.
وقد سجّلت سوريا انخفاضاً كبيراً في مؤشر القابلية على الاستهلاك بلغ18.2 نقطة، وتبعتها الامارات العربية المتحدة بنسبة12.2 نقطة. اما في باقي دول الخليج والمشرق العربي فلم تكن الصورة قاتمة تماماً. فقد سجّلت كل من الكويت وقطر انخفاضاً بلغ7.8 و0.1 على التوالي، كما سجّلت كل من المغرب ومصر انخفاضاً بنسبة2.5 و0.7 على التوالي. ومن المدهش ان نصف الدول سجّلت ارتفاعاً في مؤشر القابلية على الاستهلاك، فقد سجّلت كل من السعودية ولبنان ارتفاعاً بنسبة6 نقاط، والبحرين بنسبة4.5 نقاط، والجزائر بنسبة2.4 نقاط.
وردا على سؤال حول انفاق المستهلكين،19 ٪ من أفراد العينة فقط يعتقدون أن الآن هو الوقت المناسب للقيام بالاستثمار مقابل46 ٪ يعتقدون العكس. وقد كان كل من لبنان وتونس والجزائر الأكثر إيجابية حول انفاق النقود، مع قول24 ٪ من المجيبين في لبنان و23 ٪ في كل من تونس والجزائر انه الوقت الناسب للانفاق.
وقال نسيم غريّب، المدير التنفيذي في YouGov:" يوفّر مؤشر ثقة المستهلكين مجموعة من الأفكار ذات الصلة في كيفية شعور المستهلكين خلال فترة معينة، وعلى الرغم من أنه ليس سوى مؤشر، ولكنه يعكس صورة واضحة حول اراء الناس في بعض البلدان واعتقادهم بأنه الوقت المناسب للشراء والاستثمار. ومن هنا فهذا المؤشر لا يزوّد المسوقين والشركات بمعلومات مهمة تمكنهم من بيع منتجاتهم وحسب، بل ويبعث برسالة لكل العاملين في قطاع التجارة مفادها ان الناس لا يميلون كثيراً الى الشراء، لذلك فأن العلامات التجارية التي تقدّم افضل الخدمات سوف تنجح في هذه الاوقات العصيبة".
ومن جهة أخرى، إنّ ثقة الموظفين بسوق العمل المحلية ومواقفهم تجاه وظائفهم تشكّل جزءاً هاماً من مؤشر ثقة المستهلكين. وقد سجلت البحرين الانخفاض الاكبر في هذا المؤشر بنسبة20 نقطة. وقد تبعتها الكويت والامارات العربية بسنة19.5 و18 نقطة على التوالي. وقد لوحظ الارتفاع الوحيد في لبنان حيث سجل0.8 نقاط ما يدلّ على ان سوق العمل في لبنان تتحسّن. وكانت الخليج الأكثر تضررا من المناطق التي شملتها الدراسة مع انخفاض بنسة13 و6.5 نقاط في كل من قطر والمملكة العربية السعودية. وتدل البيانات على أنه، وباستثناء لبنان، هناك قلق عالمي حول أسواق العمل في منطقة الشرق الأوسط.
وشرح زريقات قائلاً: " تسمح هذه الدراسة بالاستعلام عن آراء الناس بخصوص رواتبهم، وان كانوا يجدون أنّها تعادل مستوى تكاليفهم المعيشية، وقد وجد64% أنّ الرواتب في المنطقة لم ترتفع مع ازدياد تكاليف المعيشة. وفي الامارات العربية المتحدة قال69%من المشاركين ان الرواتب لا تتناسب مع مصاريفهم. اما في قطر فقد رأى29% من المجيبين ان رواتبهم واكبت ارتفاع تكاليف المعيشة مقابل اكثر من النصف (56%) اكّدوا ان الرواتب لا تتناسب مع التكاليف الحياتية، ما يعني ان قطر لم تتأثر كثيراً كباقي الدول المجاورة".
وقد أظهرت الدراسة أنّ الوضع سيكون أسوء خلال سنة من حيث توافر الوظائف، فقد رأى41% من الناس أنّ الوظائف الشاغرة ستقلّ، مقابل نسب متقاربة حول امكانية بقاء سوق التوظيف على حالها (23%) او امكانية تحسنها (21%). وكانت تونس اكثر المتفائلين حول المستقبل الوظيفي بنسبة30% على عكس دول شمال افريقيا حيث ابدى16% من المجيبين في مصر فقط تفاؤلهم حول توفر فرص العمل. وفي الخليج سجلت كل من الكويت والامارات العربية المتحدة نسبة تشاؤم مماثلة بلغت49 ٪ من المشاركين. وتشير الأرقام إلى أن غالبية السكان ما زالوا يعانون من اثار الازمة المالية الحالية، غير ان هناك من يعتقد ان الاوضاع ستتحسن في العام القادم. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة21 ٪ يعتقدون ان فرص العمل ستتوفر اكثر في العام القادم.
وختم زريقات:" ان الازمة الاقتصادية بدأت تؤثر على الشرق الاوسط منذ عدّة شهور ويشكّل مؤشر ثقة المستهلك، إضافةً إلى دراساتٍ أخرى، دليلاً كبيراً يعكس آراء الناس حيال الأوضاع الاقتصادية الحالية واحوالهم المادية. ومن خلال اجراء هذه الدراسات، يمكن اكتشاف العديد من الاتجاهات والاراء والتي غالباً ما تكون متوقعة خلال بعض الدورات الاقتصادية وهي تساعد العاملين في قطاع الموارد البشرية واصحاب الشركات والمصالح على القيام بدورهم من اجل تخطّي الازمة الاقتصادية."
إنّ البيانات الاحصائية لمؤشر ثقة المستهلكين لفبراير/مارس2009، تمّ جمعها على شبكة الانترنت في الفترة الواقعة بين2 فبراير و2 مارس2009، وقد تمّ استجواب8686 شخصاً لهذا الغرض، في كلّ من دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر وعمان والكويت والبحرين وسوريا ولبنان ومصر والمغرب وتونس والجزائر. وكانت العيّنة مؤلفة من إناث وذكور وتتجاوز اعمارهم18 عاماً، ومن جنسياتٍ مختلفة.