يشعر المستهلكون في لبنان ان المناخ الإقتصادي في المنطقة يتجه نحو التحسن، حيث سُجِّل أول تحول تصاعدي في ثقة المستهلكين خلال هذه السنة، في دراسة مؤشر ثقة المستهلكين التي يجريها موقع Bayt.com بالتعاون مع YouGov بشكلٍ فصليٍّ في أسواق الشرق الأوسط. وقد إرتفع المؤشر بنسبة3.3 نقاط في لبنان بعد ان سجل إرتفاعاً قياسياً في الدراسة السابقة.
وعلى الرغم من أن معظم الذي شملتهم الدراسة أبدوا تشاؤمهم من وضعهم المالي الحالي، ومن الظروف الإقتصادية التي تمر بها البلاد وظروف الإنفاق، الا أن44% من المجيبين قدأعربوا عن تفاؤلهم في تحسّن قطاع الأعمال، و37% عن الوضع الإقتصادي للبلاد، مؤكدين ان المناخ العام متجه نحو الأفضل في غضون عامٍ واحد.
وعلى العموم ، فقد تحسّن المؤشر في كل الدول التي شملها الإستطلاع باستثناء الجزائر حيث سجلت الدراسة إنخفاضاً بلغ2.2 نقاط، وكانت الإمارات العربية المتحدة قد سجلت أعلى المعدلات حيث إرتفع المؤشر بنسبة15.9 نقاط وقد سجلت الكويت إرتفاعاً ملحوظاً بلغ14.2 نقاط وقطر3.9 نقاط وسوريا بنسبة8 نقاط.
إنّ مؤشر ثقة المستهلك يقيس توقعات المستهلك ورضاه تجاه مسائل عديدة متعلقة بالاقتصاد مثل التضخم النقدي وفرص العمل وتكلفة المعيشة.
وقال عامر زريقات المدير الاقليمي في موقع Bayt.com: " ان كافة المستجدات على الصعيدين المحلي والعالمي تشير الى استقرار نسبي وتقدم في بعض القطاعات. ان هذا الشعور بالأستقرار القى بضلاله على المهنيين في الشرق الأوسط وهذا ما دفع بمؤشر ثقة المستهلكين نحو الأفضل."
وقد سلّطت الدراسة الضوء على الوضع المالي للمشاركين، وان كانوا يشعرون بأنهم أفضل أو أسوأ حالا مقارنة مع الاشهر الاثني عشرة الماضية. وقال ربع المجيبين في لبنان بأنهم افضل حالاً، ورأى31% انهم اسوأ حالا، في حين رأى36% من المشاركين ان وضعهم المالي لم يتغيّر. أما على صعيد المنطقة ككل، فبقيت النتائج متقاربة مع الدراسة الماضية، حيث انّ ربع من شملتهم الدراسة شعروا بأنهم افضل حالاً، ورأى34% انهم اسوأ حالا، في حين رأى33% من المشاركين ان وضعهم المالي لم يتغيّر.
وفي دول الخليج فقد سجلت الدراسة تحسنا في الأوضاع المالية الشخصية حيث أعرب28% من المجيبين في المملكة العربية السعودية عن تحسن أوضاعهم المالية مقابل27% في كل من قطر والبحرين. وكانت الأردن على عكس الدول الأخرى حيث أعرب44% من المشاركين عن تراجع وضعهم المالي في السنة الفائتة.
من جهة أخرى، ركّزت الدراسة على توقعات المستهلكين ودرجة تفاؤلهم حيال المستقبل، وقد سجلت جميع الدول تحسنا ملحوظاً باستثناء الجزائر. وقد سجل لبنان إرتفاعاً طفيفاً بلغ1.4 نقاط. اما المملكة العربية السعودية وقطر فقد سجلا إرتفاعاً في المؤشر بلغ7.9 نقاط و6.9 نقاط على التوالي. وكانت الإمارات من أكثر الدول التي شهدت إرتفاعاً في المؤشر بلغ17.7 نقاط، تليها الكويت بــ17.3 نقاط، على عكس الجزائر التي شهدت تراجعاً بنسبة2.2 نقاط.
وقد أعرب معظم المشاركون43(%) في الدراسة انه ليس الوقت المناسب للقيام بشراء المنتجات التي تستعمل لفترات طويلة مثل أجهزة التلفاز، والبرادات، او العقارات، مقابل20% يعتقدون انه الوقت المناسب للإنفاق.
وقال نسيم غريب، المدير التنفيذي في YouGov:" ان النتائج الإيجابية انعكست من الظروف الإقتصادية العالمية، ولكن الناس لا تزال متخوفة تجاه الإنفاق وهذا الوضع قد يتغير في المدى القصير."
اما بالنسبة الى التفاؤل تجاه المستقبل، فقد عبّر44% من المجيبين على العموم، عن تفاؤلهم في تحسن ظروفهم المالية وذلك خلال عام واحد، مقابل9% يعتقدون انها ستكون اسوأ. وفي لبنان،38% من المجيبين أكدوا انها ستتحسّن مقابل8% فقط من الذين يعتقدون ان اوضاعهم المادية ستكون اسوأ خلال عام،29% من الذين يعتقدون انها لن تتغيّر.
وقد عبر37% من المجيبين ان الوضع الإقتصادي في بلادهم سيتحسن خلال سنة واحدة، مقابل23% من الذين يعتقدون ان الأوضاع الإقتصادية ستسوء. وكان المجيبون من الكويت الأكثر تفاؤلاً حيال إزدهار الإقتصاد حيث أكد45% ان الأوضاع الإقتصادية ستتحسن، كما كانت السعودية من بين الدول التي شهدت معدل تفاؤل مرتفع بنسبة44%. وفي لبنان فقد انقسم المجيبون بين36% ممن يظنون ان الأوضاع ستتحسن، مقابل32% من المجيبين ان الأحوال ستبقى على حالها و16% يعتقدون انها ستسوء.
وقد تباينت الآراء تجاه موضوع الإستهلاك. فقد شهد لبنان تراجع في المؤشر بنسبة4.7 نقاط على الرغم من التقدم الملحوظ في الدراسة السابقة، تتبعه الجزائر وقطر بتراجع بلغ3.9 نقاط. وقد شهدت الإمارات الإرتفاع الأكبر في المؤشر وبلغ12.6 نقاط. وباستثناء قطر فقد شهدت دول الخليج تحسناً من حيث الإستهلاك، وسجلت كل من الكويت والمملكة العربية السعودية تحسناً بلغ7.9 نقاط و4.4 نقاط على التوالي.
وأضاف غريب:" يوفّر مؤشر ثقة المستهلكين مجموعة من الأفكار ذات الصلة في كيفية شعور المستهلكين خلال فترة معينة. لذلك نعتبر ان هذه الدراسة من شأنها ان تساعد قطاع الأعمال والعاملين في الموارد البشرية وتقدم لهم معطيات دقيقة حول آراء الناس وما يشعرون به وذلك من أجل تعديل خططهم التجارية لتتناسب مع تطلعات المستهلكين."
ومن جهة أخرى، إنّ ثقة الموظفين بسوق العمل المحلية ومواقفهم تجاه وظائفهم تشكّل جزءاً هاماً من مؤشر ثقة المستهلكين. وقد أظهر لبنان في هذه الدراسة على عكس الإستبيان السابق إنخفاضاً في المؤشر بلغ0.2 نقاط. وقد أظهرت الكويت التحسن الأبرز بنسبة11.1 نقاط، تتبعها الإمارات بنسبة8.1 نقاط والمملكة بنسبة2.7 نقاط. وإرتفع هذا المؤشر في سوريا بنسبة3.1 نقاط، وفي مصر بنسبة3 نقاط. وتعكس هذه الأرقام تفاؤلاً في أسواق العمل العالمية وفي الشرق الأوسط.
وشرح زريقات قائلاً: " تسمح هذه الدراسة بالاستعلام عن آراء الناس بخصوص رواتبهم، وان كانوا يجدون أنّها تعادل مستوى تكاليفهم المعيشية، وقد وجد63% أنّ الرواتب في المنطقة لم ترتفع مع ازدياد تكاليف المعيشة. ولكن بشكل عام هناك أجواء من التفاؤل تسود في المنطقة تجاه تحسّن الظروف المالية حيث أعرب44% من المجيبين انهم يتوقعون تحسناً في أحوالهم المادية خلال عام."
وقد أظهرت الدراسة الحالية تحسناً من حيث توفر فرص العمل خلال سنة واحدة. فقد أظهرت الدراسة السابقة ان41% من المجيبين يشعرون بتشاؤم تجاه توفر فرص العمل مقارنة بــ33% في الدراسة الحالية. وكانت الكويت من أكثر الدول الدول تفاؤلاً مع اعراب35% من المجيبين بانهم يتوقعون تحسنا في بأن فرص العمل في غضون سنة. أما في لبنان، فإن24% من المجيبين يظنون ان السوق الوظيفي سوف يتحسن خلال سنة واحدة، مقابل33% يظنون انه لن يتغير.
وختم زريقات:" ان أجواء الخوف والتشاؤم قد سيطرت على المنطقة في فترات سابقة، ولكن الآن يبدو ان آثار الأزمة المالية العالمية بدأت تنحصر. ويشكّل مؤشر ثقة المستهلك، إضافةً إلى دراساتٍ أخرى، دليلاً كبيراً يعكس آراء الناس حيال الأوضاع الاقتصادية الحالية واحوالهم المادية، لذلك فهو يشكل القاعدة التي يجب الإعتماد عليها في صياغة الإستراتيجيات الجديدة التي تتناسب مع الأوضاع الإقتصادية للأسواق."