تتمتع غالبية الموظفين في المملكة العربية السعودية، أي57% منهم، بالدافعية للعمل، وذلك على الرغم من التباطؤ الحالي وأثره السلبي على قطاع الأعمال في المنطقة، حسب دراسة حديثة أجراها موقع Bayt.com، أول موقع إلكتروني للوظائف في الشرق الأوسط، بالتعاون مع اختصاصيي الأبحاث YouGov.
فقد وجدت الدراسة أن المملكة العربية السعودية تقل بقليل عن المعدل الإقليمي لدافعية الموظفين، والذي بلغ63%، بينما تتجاوز كل من لبنان وتونس المعدل بكثير، حيث يتمتع بالدافعية العالية حوالي ثلاثة أرباع الموظفين، وذلك بنسبة72% لكل منهما، ويقولون أنهم يشعرون بالدافع للقيام بعملهم كل يوم في مؤسساتهم.
وقد وجهت الدراسة سؤالاً إلى المشاركين حول مدى أهمية التوازن بين العمل والحياة بالنسبة إليهم وعما إن كان أصحاب العمل يشجعون ذلك التوازن. وقد قالت نسبة كبيرة بلغت73% من المشاركين في المنطقة أن تحقيق توازن جيد بين العمل والحياة أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى مستويات دافعيتهم للعمل. ولا تتباين النتائج كثيراً عبر المنطقة، حيث تتراوح النسب من66% في المغرب، حيث يؤمن الموظفون بأن الدافعية عامل هام لتحقيق التوازن، إلى77% في مصر.
وبسؤالهم عما إن كانت مؤسساتهم تدعمهم في تحقيق التوازن بين العمل والحياة، فقد أجاب غالبية المشاركين، أو65% منهم، بأنهم يحصلون على ذلك الدعم من عملهم، مع وجود تباين في مستويات الدعم. فقد وجدت الدراسة أن أكثر من يتلقى هذا الدعم هم المشاركون في لبنان، والذين قال76% منهم أنهم يحصلون على الدعم ، وذلك مقارنة مع61% من الموظفين في المملكة العربية السعودية و55% في المغرب – وهي النسبة الأقل. و في بقية دول الخليج كان مستوى الدعم في تحقيق التوازن بين العمل والحياة متسقا بين الدول، حيث بلغ70% في عمان و69% في البحرين و68% في الإمارات العربية المتحدة و65% في الكويت.
يشار إلى أن "دراسة تحفيز الموظفين" قد أجريت بغرض فهم كيفية تأثير المناخ الاقتصادي الحالي على مستويات رضا الموظفين في الشرق الأوسط، والتعرف إلى ما يزيد دافعيتهم للعمل.
وفي هذا السياق يقول السيد عامر زريقات، المدير الإقليمي لموقع Bayt.com: "عندما يتعلق الأمر بالعوامل التي تجعل الموظفين يشعرون بالرضا والدافعية، أو العوامل التي تجعلهم متوترين وغير متشجعين على العمل، فإننا نجد أن العناصر الأساسية الواضحة هي التي تلعب الدور الأبرز، كالقدرة على تحقيق التوازن بين العمل والحياة."
ومن جانبها تقول السيدة جوانا لونغوورث، مدير التسويق في YouGov: "من المفيد جدا للمؤسسات التركيز على تعزيز الدافعية والحفاظ عليها ، كونها ذات قيمة كبيرة لدى الموظفين ولأنها لا ترتبط بتكاليف مباشرة ولها أثر إيجابي على الإنتاجية والعائدات."
ويضيف السيد عامر زريقات: "رغم أن الأمر لا يتطلب حسابات علمية دقيقة بل مجرد الحس المنطقي، إلا أنه لا يزال يلاقي تجاهلا من قبل أصحاب العمل الذين يفضلون جني الأرباح على حساب موظفين يشعرون بالرضا. ومن خلال الإشارة إلى تك النقاط الهامة عبر أبحاث كهذه، فإننا نزود أصحاب العمل بالصورة الكاملة لما تنطوي عليه دافعية الموظفين، مما يذكرهم بمدى أهمية اللمسة البشرية لتحفيز الموظف وراحته."
وتختلف أسباب الدافعية في العمل، إلى جانب التوازن الجيد بين العمل والحياة، وتتصدرها فرص النمو المهني على المدى الطويل وذلك باتفاق36% من الموظفين. كما يرى33% من الموظفين المشاركين في الدراسة أن سمعة الشركة أو العلامة التجارية مهمة، بينما من المثير للاهتمام أن5% من الموظفين فقط قالوا أنهم مهتمون بالراتب.
وغالباً ما يعتبر شعور الانتماء إلى المؤسسة عامل دافعية هاماً، ومن الطرق التي يمكن ضمان توافر هذا العامل من خلالها تعزيز متانة قنوات الاتصال الداخلية. وفيما يشعر64% من الموظفين بأنهم على اطلاع مستمر بالمجريات وأنشطة الشركة، بحدود متباينة، فإن20% منهم فقط يقولون أنهم يصدقون دائماً ما توصله إليهم الشركة رسمياً فيما يتعلق بالخطط الداخلية والتطورات. ومن المفاجئ أن25% من الموظفين يقولون أنهم نادراً ما يصدقون شركاتهم، بينما لا يصدق8% منهم ما يقال لهم أبداً.
وتعليقاً على ذلك تقول جوانا لونغوورث: "يشير تصديق خُمس الموظفين فقط لما تخبرهم به شركاتهم، ووجود نسبة كبيرة نادراً ما تصدقه، إلى أن الكثير من المؤسسات في المنطقة لا تتمتع بثقة الأشخاص الذين يجب أن يثقوا بها ، وهم موظفوها. إن تلك قضية قد يكون لها أثر كبير على تقدم أعمالهم، من حيث معدلات الاحتكاك أو السمعة. في تلك المؤسسات لا بد من اتخاذ الإجراءات لمعالجة الأمر سريعاً."
وقد وجهت الدراسة سؤالاً للمشاركين حول ما إن كانوا يشعرون بأن العمل الذي يؤدونه في وظائفهم مهم ومؤثر في الشركة. يوافق أغلب المشاركين (76%) بشدة على أن عملهم هام، حيث كان أكثر المشاركين إيجابية حول الأمر الموظفون في سوريا (84%) و المغرب (83%). ومن المثير للاهتمام أن المشاركين في دول الخليج أقل إحساساً بأهمية مساهماتهم في العمل، فقد وافق بشدة63% من المشاركين في الإمارات العربية المتحدة وقطر و67% في البحرين و نسبة أعلى في المملكة العربية السعودية (78%)، على أن العمل الذي يقومون به مهم. ومن الواضح أن الموظفين في المنطقة يتفقون أيضاً أن العمل الذي يقومون به مهم بالنسبة إليهم – وذلك بحدود متباينة. فقد بلغت نسبة إيجابية الموظفين حول أهمية عملهم بالنسبة إليهم92% في الجزائر وتونس لتكون الأولى في هذا المجال، تليها عمان (90%) و سوريا (89%)، مقارنة بمستوى مرتفع أيضاً بلغ88% في المملكة العربية السعودية.
وضمن الدراسة وجهت إلى المشاركين عدة أسئلة تتعلق برضاهم عن العمل والمؤسسة، وهما عاملان أساسيان يزيدان من دافعية الموظفين في مكان العمل. وقالت غالبية الموظفين، أي79% منهم، أنهم راضون –إلى حدود متباينة- عن مسؤوليات وظائفهم التي عليهم تحقيقها. وكان المشاركون من البحرين الأكثر رضا بما مجموعه84% من الأصوات، تلتها تونس (83%) و مصر (82%). وفي المملكة العربية السعودية أكد78% من المشاركين رضاهم عن مسؤوليات وظائفهم.
وفيما يتعلق بالتقدير على القيام بالعمل بشكل جيد، يقول59% من إجمالي المشاركين بأنهم راضون أو راضون جداً. ففي المملكة العربية السعودية قال56% أنهم يشعرون بالرضا إلى الرضا التام بينما يؤكد29% بأنهم لا يشعرون بالرضا. ويسود هذا الشعور في بقية المنطقة، مما يشير إلى أن هناك القليل من الجهد لتقدير العمل الجاد من قبل الموظفين، حيث قال31% من المشاركين في الإمارات العربية المتحدة و30% من المشاركين في البحرين وقطر و أنهم غير راضين، تلتهم الكويت والأردن بنسبة29% لكل منها.
وبالنسبة إلى فرص التطور الشخصي والمهني ضمن المؤسسة، فقد قال أكثر من نصف المشاركين بقليل، أي52% منهم، أنهم راضون أو راضون جدا عن الأمر، بينما قالت نسبة45% أنهم غير راضين، وذلك بحدود متباينة. قال47% فقط من الموظفين في المملكة العربية السعودية أنهم راضون عن فرص التطور المتاحة، بينما كان31% منهم غير راضين و19% غير راضين أبداً. وكانت مستويات عدم الرضا مرتفعة أيضاً في بقية منطقة الخليج، حيث وصلت الى50% في الكويت، و49% في الإمارات العربية المتحدة و48% في البحرين.
وتوضح لونغوورث: "يعتبر التطور والنمو المهني ذا أهمية بالغة بالنسبة إلى إحساس الموظف بالقيمة، وما نراه من خلال تلك الأرقام هو أن فرص التطور ليست متاحة بشكل عام، وأنها في حال توافرها ليست جيدة بما يكفي ولا تناسب احتياجات الموظفين. إلا أنه من المعروف أن أصحاب العمل يستثمرون في موظفيهم ويشجعونهم على تطوير مهاراتهم وشخصيتهم، ليكون الموظفون أكثر التزاماً تجاه عملهم ومؤسستهم. إنه أمر ثانوي نسبياً في المؤسسة ولكن له أهمية كبرى لدى الموظفين."
وقد وجد أن مستويات التوتر في العمل، وهو أحد أهم عوامل تقليل الدافعية لدى الموظفين، عالية بين أوساط الموظفين في المنطقة. فقد قال حوالي خمس المشاركين (19%) أنهم يتعرضون لتوتر شديد، بينما قال66% أنهم يشعرون بالتوتر بشكل أو بآخر. وكانت الدول التي يعاني موظفوها من أكبر قدر من التوتر هي الأردن ومصر، حيث قال90% و88% من الموظفين على الترتيب أنهم يعانون من أحد أشكال التوتر في العمل. أما في منطقة الخليج فقد كانت الإمارات العربية المتحدة والبحرين أكثر الدول التي يعاني فيها الموظفون من التوتر، حيث بلغت نسبتهم87% في كل منها، تليهم الكويت، قطر، والمملكة العربية السعودية بنسبة85% لكل منهم.
وأخيراً فقد سئل المشاركون عن شعورهم تجاه وظائفهم الحالية، وما إن كانوا يخططون للاستمرار فيها أو مغادرتها، وهي مؤشرات قوية أخرى على مستويات الدافعية. وقد قالت نسبة كبيرة قوامها70% من المشاركين أنهم إما في صدد محاولة مغادرة وظائفهم الحالية أو يبحثون باستمرار عن وظيفة أخرى، أو راغبون في ترك وظائفهم الحالية، مما يشير إلى أن الموظفين في المنطقة يرون أنه وقت التقدم في مسيرتهم أو أنه يمكنهم القيام بأفضل مما يقومون به حالياً."
ويختتم السيد زريقات حديثه بالقول: "تعتبر الدراسات من هذا النوع مهمة جدا لقطاع الموارد البشرية وأصحاب العمل في المنطقة، لأنها ترسم صورة واقعية واضحة لبيئة العمل في المنطقة وتوضح نقاط الاهتمام لدى الموظفين، وهو أمر تزيد أهميته في ظل التباطؤ الحالي حيث يسعى أصحاب العمل إلى الاحتفاظ بأفضل العاملين لديهم. ومن خلال التطرق إلى نتائج هذه البيانات والتعرف على كيفية ارتباطها بمؤسساتهم، يمكن لقادة الأعمال تحويل موظفيهم من كونهم سلبيين لا يتمتعون بالدافعية ويشكلون عبئاً على المؤسسة إلى فريق من الموظفين ذوي الإنتاجية والربحية والدافعية العالية."
تم جمع بيانات "دراسة تحفيز الموظفين" عبر الانترنت في الفترة ما بين3 و17 أغسطس2009، حيث شارك13,376 مشارك من الإمارات العربية المتحدة و المملكة العربية السعودية وقطر وعمان والكويت والبحرين وسوريا والأردن ولبنان ومصر والمغرب وتونس والجزائر وباكستان. وقد شملت الدراسة ذكوراً وإناثا من عمر الحادية والعشرين وما فوق ومن كافة الجنسيات.