مع تحول الإنترنت إلى أحد أهم المحركات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية، والتغيرات الجذرية التي طرأت على التعاملات التجارية وآليات التنمية، والحوكمة، والتواصل المجتمعي، واستمراراً في دوره في دراسة تأثير اتجاهات استخدام التكنولوجيا والإنترنت في العالم العربي، ودورها في الحوكمة، أطلق برنامج الحوكمة والابتكار في كلية دبي للإدارة الحكومية بالتعاون مع بيت.كوم أمس تقريراً إقليميا يعكس الاتجاهات الجديدة في استخدام الإنترنت في المنطقة العربية، وذلك خلال منتدى عقد في مقر كلية دبي للإدارة الحكومية بحضور عدد من القيادات في القطاعين الحكومي والخاص، افتتحه الدكتور علي المري الرئيس التنفيذي لكلية دبي للإدارة الحكومية وألقى فيه سعادة محمد ناصر الغانم، مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات، الكلمة الافتتاحية.
وقد ناقش التقرير، الذي استند إلى استبيان شارك فيه ما يقرب من3500 شخص من جميع الدول العربية وحمل عنوان "العالم العربي على الإنترنت: اتجاهات جديدة في استخدام الإنترنت"، التغيرات الحالية في استخدامات الإنترنت عربياً، مركزا على عادات الاستهلاك عبر الإنترنت في المنطقة، واستخدامات الحكومة الإلكترونية، والتعليم الإلكتروني، واستخدام وسائل الإعلام الاجتماعي، والتقنيات النقالة، والآراء تجاه الإعلام عبر الإنترنت ووسائل الاتصالات.
قال فادي سالم، مدير برنامج الحوكمة والابتكار في كلية دبي للإدارة الحكومية، أحد كتاب التقرير: "مع تجاوز عدد مستخدمي الإنترنت في المنطقة العربية125 مليوناً، وارتباط ما يزيد عن53 مليون منهم معاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي كمستخدمين نشطين ضمن مجتمعاتهم، حدثت تغيرات جذرية في آليات التنمية الاقتصادية والمجتمعية إضافة إلى تغير معايير الحوكمة. فقد أشار52% من مستخدمي الإنترنت العرب المستطلعين إلى أن الشبكة حسنت من فعالية تواصلهم مع حكوماتهم. ولذلك لا بد لصناع القرار وقادة الأعمال من دراسة تأثير هذه التغيرات على المجتمعات والاقتصادات العربية، ليتسنى لهم استشراف التوجه الذي تسير نحوه مجتمعاتهم في ظل النمو المتسارع لاستخدام الإنترنت خاصة لدى قطاع الشباب".
ومن النتائج الرئيسية في التقرير، أشار32% من مستخدمي الإنترنت أن استخدامهم لخدمات الحكومة الإلكترونية لا يزال مقتصراً على البحث عن المعلومات الحكومية، فيما قال18% من المستطلعين أنهم لم يستخدموا أية خدمات حكومية إلكترونية سابقاً. كما رأى85% في الإعلام الاجتماعي عاملاً أدى لتقوية نشاطهم في مجتمعاتهم. ورأى88% من مستخدمي الإنترنت العرب أن الإنترنت وفرت لهم فرصاً تعليمية أفضل. فيما أشار التقرير إلى أن نسبة مستخدمي الإنترنت العرب الذين يعتبرون الإعلام الاجتماعي كالمصدر الأول للأخبار هي28%، وتماثل نسبة مستخدمي الإنترنت التي تعتبر الإعلام التقليدي المصدر الرئيسي للأخبار.
ومن جانبه، علق ربيع عطايا، الرئيس التنفيذي لبيت.كوم قائلاً: "تظهر نتائج دراسة "العالم العربي على الإنترنت: توجهات استخدام الإنترنت في المنطقة العربية" أن الإنترنت بات جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث تشير الدراسة إلى أن2% فقط من المشاركين من مختلف أنحاء المنطقة يمضون أقل من ساعة يومياً على الإنترنت".
وأضاف عطايا: "تدل هذه النتائج على وجود إقبال متزايد على استخدام الإنترنت في الحياة اليومية، الأمر الذي يظهر للمؤسسات والشركات الخاصة والهيئات الحكومية في مختلف أنحاء المنطقة، ضرورة التواجد على الإنترنت وتبني ذلك كجزء أساسي من استراتيجيتها. وعندما أطلقنا بيت.كوم في العام2000، كان استخدام الإنترنت في العالم العربي لا يزال محدوداً بعض الشيء. ولكن حتى في ذلك الوقت، كنا مدركين أن الشبكة ستلعب دوراً كبيراً في حياة الناس، الأمر الذي دفعنا الى استخدامها كوسيلة رئيسية لإنجاز مهمتنا. وعلى مدى السنوات الثلاثة عشر الماضية، ساعدنا الملايين من الناس في المنطقة على عيش حياة أفضل من خلال تزويدهم بأدوات وتكنولوجيا ومعلومات أساسية على الإنترنت تساعدهم على التمتع بنمط الحياة الذي يختارونه".
وقد ركز البحث على الدور الذي تلعبه الإنترنت حاليا في كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وحتى الحكومية، خصوصا مع سهولة الوصول إلى المعلومات والتغير في أنماط الاستهلاك وسواها. وأكد التقرير أن الإنترنت تقود النشاط الاقتصادي في اقتصادات متعددة حول العالم. إلى جانب ذلك، أثرت الإنترنت في تغير سلوكيات الحكومات تجاه المواطنين بشكل كبير، حيث باتت الكثير من الحكومات عربياً وعالمياً توفر المعلومات والخدمات الحكومية بسرعة وسهولة للمواطن بعيدا عن البيروقراطية والتعقيد.
وعلى الرغم من التغير في اتجاهات استخدام الإنترنت في العالم العربي، أوضح التقرير وجود انقسام في وجهة نظر مستخدمي الإنترنت حول خطرها على خصوصيتهم، حيث أجاب ثلث المستطلعين بالسلب ومثلهم بالإيجاب. كما يشير التقرير إلى وجود بعض العوائق تقف أمام انتشار أعم للإنترنت عربياً، كمستويات التعليم، ومستوى الدخل، وكلفة استخدام الإنترنت التي ما زالت مرتفعة في بعض البلدان العربية. بالمقابل، حققت بعض الدول العربية، ومنها الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وقطر والكويت نموا في استخدام الإنترنت خلال العام2012 بلغ50%، في حين أن المعدل الوسطي للنمو في المنطقة سجل28%.
ويسعى برنامج الحوكمة والابتكار في كلية دبي للإدارة الحكومية إلى تعزيز قدرات صنّاع السياسات عربياً من خلال توفير الدراسات البحثية العلمية من منظور إقليمي ومحلي، وذلك لتحقيق أهداف البرنامج الأشمل المتمثلة بدعم جهود صانعي القرار في تنمية الأداء والإصلاح الحكومي من خلال تبني الحكومات تقنيات المعلومات لتعزيز ثقافة الابتكار في المجتمع، والسعي نحو نموذج تشاركي في إدارة الحكم يعتمد على الشفافية المعلوماتية وإشراك المجتمع في آليات صنع القرار اعتماداً على التقنيات الحديثة، إضافة إلى تحقيق النمو الاقتصادي القائم على مجتمع المعرفة. ويعمل البرنامج على ثلاثة محاور: بحوث السياسات والبحوث الأكاديمية، تقديم المشورات حول السياسات، إضافة إلى الأنشطة التنموية الإقليمية. وقد أصدر البرنامج عدداً كبيراً من المطبوعات، كما يعقد دورياً مؤتمرات علمية ومنتديات عالمية حول السياسات بالتعاون مع مراكز البحوث المرموقة والمنظمات الدولية المتخصصة.
ويمتلك بيت.كوم، أكبر موقع للتوظيف في الشرق الأوسط، خبرة تزيد عن عقد في مجال إجراء الدراسات وتحليل الإحصاءات الهامة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويقوم بيت.كوم من خلال دراساته الاستقصائية الدورية على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتسليط الأضواء على التوجهات والآراء والعادات ومواقف السكان الراهنة في المنطقة بصورة دقيقة. وتعزز هذه الخبرات مكانة بيت.كوم كشريك مثالي لكلية دبي للإدارة الحكومية، لتقديم إحصاءات دقيقة حول استخدام الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.