يصادف اليوم عيد الحب، وكوني أتمتع بخبرة 10 سنوات في مجال كتابة المقالات، قررت استغلال هذه الفرصة للكتابة حول الأمور التي يمكنك القيام بها للتمتع بشغف تجاه وظيفتك أو زيادة مستوى شغفك تجاهها إن كنت تحبها من الأساس. في الواقع، يتمتع معظم المهنيين في الشرق الأوسط بشغف تجاه عملهم، فقد صرّح 91,5% منهم بأن عملهم يضيف معنى الى حياتهم، وذلك بحسب استبيان بيت.كوم حول "الشغف تجاه العمل في الشرق الأوسط وشمال افريقيا" (فبراير 2016).
لقد كنت أعتقد أن التمتع بشغف تجاه العمل والتميّز به هو مفتاح النجاح المهني. ولكني أدركت مع الوقت أن النجاح يتطلب عنصر آخر وهو المرونة.
عند العودة الى الوراء والنظر الى كافة الصعوبات والتحديات التي واجهتها خلال مسيرتي المهنية، توصلت الى نتيجة وهي أن الشغف والموهبة لم يلعبان أي دور في تحقيقي لكافة إنجازاتي، والعنصر الوحيد الذي ساعدني على النجاح هو المرونة.
ولكن ماذا يقصد بالمرونة؟ يعرّف علم النفس المرونة كالتالي:
"سمة تتيح لبعض الأشخاص بالشعور بالإحباط لفترة من الوقت ومن ثم العودة بقوة أكبر."
هل سبق وأن شعرت بالإحباط والفشل؟ ماذا فعلت وكيف تصرفت؟ هل استسلمت ولم تستطع مواجهة الواقع؟ أم هل ناضلت وواجهت كافة التحديات؟
هل المرونة صفة مكتسبة أم تأتي بالفطرة؟ لا يزال العلماء يبحثون في هذا الموضوع، الا أنني أعتقد بأنها صفة تكتسب مع الوقت. فالأطفال العنيدون هم أكثر مثابرة وعزماً من غيرهم، فهم مستعدون للمكافحة والنضال من أجل تحقيق أهدافهم، وقد يسعون جاهدين للحصول على علامة متميزة في مادة لا يحبونها.
فالأشخاص المرنين كانوا أطفالاً عنداء ولم يتغيروا، إذ أدركوا أن الحياة ليست معادلة متساوية. فلن تكافئ دائماً على الجهد الإضافي الذي تبذله، إذ ستواجه أحياناً بالرفض، ولن تحصل دوماً على المرتبة الأولى، فقد تفشل أحياناً على الرغم من المجهود الكبير الذي تبذله. ولكن الأشخاص المرنين أدركوا أن الأمر لا يتعلق بالفشل، فجميعنا اختبر الفشل في مرحلة ما من حياته، ولكن سر نجاح يكمن في القدرة على النهوض بعد الفشل.
كيف تمكنت من اكتساب المرونة؟ وكيف يمكنك أنت أيضاً اكتسابها؟ إليك بعض النصائح لمساعدتك في ذلك.
1. أنظر الى الجانب الإيجابي. إن لم تتعقد الأمور، كيف ستتعلم كيفية حل مشكلة، أو ابتكار حلول أفضل، أو اكتشاف مواهب جديدة في نفسك أو التطوّر نحو الأفضل. فكما يقول المثل "يوم لك ويوم عليك"، أعلم أنك سمعت ذلك مرات عديدة، ولكني سأكررها لك مراراً وتكرارا: لن تدوم المشاكل للأبد، ويوم سيء لا يعني أن الحياة السيئة. استغل اليوم السيء كفرصة للنمو والتطوّر.
2. تعلّم من أخطائك. من قال أن الأشخاص لا يتغيرون وأن الله لا يسامح؟ تخطى الأمر وتابع تقدمك، فجميعنا يخطئ ولكن الفرق هو أن بعض الأشخاص يعترفون بأخطائهم ويتعلمون منها، في حين أن غيرهم لا يستطيعون مسامحة أنفسهم ويعيشون بحالة ندم شديد. الأخطاء التي ترتكبها هي دروس مستفادة، لذا تعلّم من أخطائك وتابع تقدمك.
3. كن قدوة حسنة لأبنائك. إن كانت حياتك مليئة بالفرح والسعادة، لن تجد أي قصة لسردها على أبنائك. فكيف سيعرف أبنائك بأنك نجحت في صعود السلم المهني وشغل منصب مدير في غضون 5 سنوات فقط على الرغم من كافة الصعوبات التي واجهتها (مدير سيء، وسياسات عمل مرهقة وبيئة عمل سلبية)؟ وكيف ستخبرين ابنتك بأنك حققت نجاحاً باهراً في وظيفتك وكنت أول إمرأة تشغل منصب رئاسة القسم المالي في الشركة في عمر 32 سنة فقط؟ قد يبدو مواجهة التحديات أمراً صعباً للغاية، ولكنها ستمنحك الحكمة وتعلّم أبنائك المعنى الحقيقي للمثابرة والنجاح.
4. كوّن علاقات قوية مع بعض الأشخاص. الأوقات الصعبة تساعدك على فهم الكثير من الأمور، فهي تكشف لك الأشخاص الذين يحبونك بصدق والأصدقاء ذوي النوايا السيئة. احرص على اختيار شخص يحبك بصدق كشخص من أفراد عائلتك أو مجموعة أصدقاء تربطك بهم علاقة جيدة والجأ اليهم في أوقات الشدة.
5. المرونة هي مفتاح النجاح. سأكون صريحة معكم، لست شخصاً مرناً على الاطلاق، وغالباً ما أقدم الأعذار والتبريرات في كل مرة يطلب مني التمتع بالمزيد من المرونة، ولكني تعلّمت مع الوقت كيفية اكتساب صفة المرونة. وأدركت بعدما فشلت آلاف المرات بأن الحياة تصبح معقدة للغاية عند الإفتقار الى هذه الصفة، فالمرونة تساعدنا في مواجهة التحديات وتقلّل من فرص شعورنا بالإحباط. لذا أنصحك بالموافقة على القيام بأي أمر يطلب منك. هل طلب منكم مديرك في العمل إدارة مشروع جديد؟ وافق على ذلك. هل عرض عليك أحد أصدقائك الخروج لتناول العشاء في منتصف أيام الأسبوع؟ لا ترفض عرضه. هل طلب أحد أفراد عائلتك مساعدتك في التحضير لمشروعه الدراسي؟ لا تتردد في مساعدته. فلن تصبح قادراً على مواجهة كافة التحديات إن لم توافق على القيام بأمور جديدة.