إليكم أحدث التطورات في مجال إدارة الكفاءات
تأمل الموقف التالي:
*يدخل أحمد إلى مكتب مديرته سارة ويغلق الباب وراءه*
أحمد: "مرحباً سارة، أنا حزين لخسارتك"
سارة: "أي خسارة؟"
أحمد: "خسارتي، إذ أنني سأترك العمل خلال شهر، تفضلي استقالتي، إلى اللقاء"
سارة: "انتظر لحظة، أنت موظف موهوب وناجح في عملك، ولطالما كنا على وفاق، حتى قبل أن تتمّ ترقيتي كمديرتك"
أحمد: "نعم، هذا صحيح، إلا أنّ الأمر ليس كذلك، إذ أنني سئمت من العمل لأنني أشعر أنه لا يتم تقديري جيداً في عملي، وأنه لا يوجد أي فرص أخرى للتطور والنمو في العمل هنا. إذ أشعر أنني سأبقى في مكاني لسنوات، وأنا لا أريد أن يحصل ذلك. عدا عن حقيقة تفكك الفريق وعدم قدرتنا على التواصل فيما بيننا."
سارة: "إنني متأسفة جداً لسماع هذا منك، أنت تعرف أنني جديدة في منصبي وأنّ أولويتي في العمل كانت تلبية أهداف الشركة والمحافظة على علاقتنا مع المساهمين، مما أدّى إلى أنني أغفلت بعض الشيء الموظفين المميزين مثلك. لقد اعتقدت ببساطة أنك لم تكن بحاجة إلى مساعدتي أو اهتمامي المستمر. أعتذر، فأنا أتفهم تمامًا موقفك وسأعمل بجد أكبر لزيادة التفاعل مع جميع الموظفين التابعين لي. سيكون من المؤسف حقا أن تصرّ على تقديم استقالتك، يرجى إعادة النظر في الأمر ".
*يستكمل أحمد الحوار قائلاً:*
أحمد: حسناً، عندما قمت بصياغة الأمر بهذه الطريقة، فإنني على استعداد لأن أعيد النظر في استقالتي وأن أفكر في احتمالية البقاء في الشركة. شكراً على توضيحك للأمر وتعاونك واهتمامك لمشكلتي."
قد يعتقد البعض أن أحمد قد بالغ في ردة فعله وأنه يتصرف بدراماتيكية بعض الشيء، إلّا أنّ الأمر ليس كذلك، فقد بات مفهوم إدارة الكفاءات في الوقت الحالي شائعاً في الشركات، حيث لم تتغير مطالب وتوقعات الموظفين فحسب، بل تغيرت أيضا ثقافات الشركات، وباتت الطرقُ التقليدية القديمة غير مناسبة. وسيواجه أصحاب العمل البعيدون عن الطرق والمناهج الجديدة في العمل الموقف الصعب الذي واجهته سارة مع أحمد. وأنا أعلم ما الذي تفكر فيه الآن، تأكّد أنّ إحضارك لموظفيك كرة طاولة للتسلية ليس الحل المثالي.
كيف تطورت أساليب إدارة الكفاءات؟
إذا عدنا في الزمن إلى الوراء قليلاً ونظرنا إلى أساليب إدارة الكفاءات قديماً، فقد تبدو كأيّ أمرٍ آخر إلا كمفهوم إدارة الكفاءات، وإذا ما قارنناه بعصرنا الحالي، سنرى كم كان نطاق إدارة الكفاءات أضيق مما هو عليه اليوم، حيث نأخذ الآن مجموعة كاملة من العوامل في الحسبان عند التعامل مع القوى العاملة مثل المشاركة والثقافة والتمكين والقيادة والبيئة العامة ومكان العمل. بدلاً من مجرد التركيز على تزويد الموظفين بمكان للعمل والقائمة المثالية للمميزات كما اعتاد أصحاب العمل سابقاً.
في الوقت الحاضر، مع ما يسمى "الحرب على الكفاءات"، تم تعديل جميع أساليب إدارة الكفاءات بأكملها، حيث تكون الكفاءات هي المحور الأساسي في العملية. فما الذي يمكنك القيام به كصاحب عمل للموظف؟ لماذا يجب أن تكون على وفاق معهم؟ ماذا لديك لتقدمه للآخرين؟
إنّ توظيف الكفاءات وإعطائهم راتباً ثابتاً لم يعد كافياً، فالأشخاص المؤهلون يعرفون تماماً ما يستحقونه الآن ويطالبون به أكثر من أي وقت مضى. إنهم لا يريدون وظيفة فقط من أجل الحصول على وظيفة، يريدون منك أن تتمسك بهم، وأن يشعروا أنهم جزء حقيقي من الشركة. إنهم يريدون أن يشعروا بالتقدير، وأن تكون بيئة العمل صحية ومريحة حيث يمكن أن يكون لهم الحق في حرية الكلام والتعبير عن آرائهم، والقدرة على التعلم، والتطور والنمو. إنهم يريدون التجربة وممارسة الأمور الجديدة والخبرة، وعند التفكير في الأمر، يبدو أنهم على حق! ألا ترغب في الحصول على كل هذا كموظف؟
ما هي الأمور التي لم تدركها مسبقاً؟
يبدو أن العديد من أصحاب العمل في هذه الأيام لا يتقنون إدارة الكفاءات في شركاتهم. فوفقا لاستبيان بيت.كوم حول الاحتفاظ بالموظفين في شركات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ذكر 60٪ من المجيبين أنّ معدل الاحتفاظ بالموظفين أقل مما كان عليه في الأجيال السابقة. و 44.7 ٪ يقولون أنّ معدل الاستقالات في شركاتهم مرتفع جدا و 54.7 ٪ يقولون أنهم يريدون ترك وظيفتهم الحالية على الفور.
كما أفاد 41٪ من المشاركين في مؤشر ثقة الباحثين عن عمل لعام 2018 في بيت.كوم أنّهم غير راضين عن فرص التطور الوظيفي الحالية، بينما قال 50٪ من المجيبين أنهم غير راضين عن التدريب والتطوير المهني.
بالنظر إلى هذا النوع من البيانات، سيتحتّم علينا التساؤل عن أسباب المشكلة. إلى أين تتجه إدارة الكفاءات؟ هل الاستراتيجيات الجديدة لإدارة الكفاءات تعتبر جيدة؟
حسنًا، لتلخيص المشكلات المتعلقة بإدارة الكفاءات، سنحتاج إلى تقسيمها إلى أبعاد مختلفة للحصول على تحليل أفضل.
إذا كنت تريد إدارة الكفاءات في شركتك بنجاح، فعليك فهم هذه الأبعاد أولاً:
بشكل عام، يفضل الناس أن يصادقوا ويتعاملوا مع الأفراد ذوي التفكير المماثل وأن يشكلوا مجموعات مع أشخاص يشعرون بالراحة حولهم والذين يستمتعون بصحبتهم. تلعب مجموعة الموظفين هؤلاء دوراً واضحاً في تحديد الأرضية المشتركة لكيفية عمل الموظفين. ويمكن رؤية هذه المجموعات في جميع مستويات الأقدمية داخل المؤسسة، حتى في المستويات العليا الأرفع، حيث يقوم بعض المدراء والمسؤولين باختيار موظفيهم حسب صلة القرابة أو الألفة بينهم أو حسب قوة علاقتهم، مع التغاضي عن الخبرات والأحقية.
أولاً، يحتاج أصحاب العمل إلى الاعتراف بوجود هكذا أشخاص في نظام إدارة الكفاءات لديهم، وأنّ القيام بذلك قد يؤثر سلباً على عملية إدارة الكفاءات. ومن ثم يمكنهم أن يشكلوا استراتيجيات يمكن أن تزيد من مشاركة جميع الموظفين معاً، والتخفيف من القرارات المتحيزة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالتوظيف وتطوير الكفاءات.
عندما يبدأ أصحاب العمل في إدارة مؤسساتهم وفقًا للعادات والنصائح التي يسمعونها من معارفهم وأصدقائهم، يبدأون في إعطاء الأولوية للموظفين الذين لديهم سمات مشابهة، ليصبح الأمر حينها أسوأ وأسوأ. هذا هو عندما يتحول اختيار الموظفين إلى اختيار نسخ كربونية للأشخاص ذوي معايير الجودة الشائعة، ويتحقق ذلك من خلال مجموعة الإرشادات التي يتّبعها صاحب العمل لتتوافق مع مجموعته.
عندما يتعلق الأمر بإدارة الكفاءات في هذا العصر، تميل المنظمات بطريقة أو أخرى إلى إلهام موظفيها ليصبحوا ما يريدون لهم أن يكونوا. لجعلهم "مناسبين" لدائرتهم الاجتماعية، ويوجهونهم إلى مسار محدد بقواعد محددة، مع واجبات وممنوعات لا تنتهي، مما يعزز في نهاية المطاف ثقافة "تمسكن حتّ تتمكّن"، حيث يجب على الموظفين العمل بطريقة معينة تلائم أصحاب العمل. وهذا ما يمكن أن يحول الثقافة المهنية للمؤسسة إلى ثقافة خوف، حيث يخاف الموظفون من أن يكونوا أنفسهم ويعبرون عن شعورهم الحقيقي، مما قد يكون له أثر كبير على معنوياتهم بالإضافة إلى قدرتهم على الإبداع والابتكار.
ما الذي يمكنك فعله
وفقًا لاستطلاع بيت.كوم حول تسويق الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإنّ 93٪ من الباحثين عن عمل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يبحثون عن الشركة عبر الإنترنت قبل التقدم لوظائفها الشاغرة. يمكن أن تؤكد هذه الدراسة على مدى قدرة تسويق الشركات على التأثير على جذب المرشحين المناسبين.
لقد ذكرنا مسبقاً أنّ أفضل الكفاءات يعرفون قيمتهم وإمكانياتهم وقدراتهم وأنّ الموظف الجيد لن يبحث عن شركة لا يمكنه أن يشعر بقيمته فيها. يمكنك من خلال تسويق شركتك عبر الإنترنت، أن تمثّل شركتك على أنها المكان المثالي الذي يمكن للموظفين أن ينتموا إليه بكل سهولة وأن يشعروا فيه بالأمان والراحة، وأن يعيشوا فيه تجربة الموظف المثالية، وهذه هي أوّل خطوات جذب أفضل الكفاءات إلى شركتك.
بالإضافة إلى ذلك، ووفقًا لاستطلاع بيت.كوم حول تسويق الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن تسعة من كل 10 مجيبين يرون أنّ تسويق الشركات عبر الإنترنت يساعد على زيادة معدلات الاحتفاظ بالكفاءات. ويمكن لهذه الدراسة التي قام بها بيت.كوم أن تساعد في إلقاء الضوء على مدى تأثير تسويق شركتك على الموظفين الحاليين لديك، حيث يكون موظفو الشركات ذات العلامة التجارية طيبة السمعة إلى أن يكونوا أكثر فخرًا أنّهم يعملون في مثل هذه الشركات، وأنّه تمّ قبولهم فيها وبالتالي يكونون أكثر حماساً وعطاءً للعمل.
لحسن الحظ، يقدم بيت.كوم لأصحاب العمل منصة تسويق الشركات عبر الإنترنت، حيث يمكنهم إنشاء ملفات خاصة بالشركة وإظهار ثقافة الشركة وعلامتها التجارية.
إنّ تمهيد الطريق لتعيين موظفين جدد للتكيف مع وظائفهم الجديدة ودمجهم في بيئة عمل شركتك يمكن أن يكون مهمة صعبة، لا سيما مع المتطلبات الكثيرة التي يتطلّبها الموظفون في العصر الحالي.
يمكن القول إنّ وجود برنامج ثابت للتأهيل والتدريب هو أحد أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر على إنتاجية الكفاءات والاحتفاظ بها، من ناحية أخرى، فإنّ امتلاك برنامج غير فعال للتأهيل والتدريب يمكن أن يقلل إنتاجية الكفاءات ويزيد من معدلات الاستقالة في شركتك.
زادت أهمية برامج التأهيل والتدريب الآن أكثر من أي وقت مضى مع ارتفاع طلبات الموظفين، حيث غالباً ما يضع المرشحون توقعات لوظائف يتقدمون للحصول عليها لم يتم تحقيقها بمجرد أن تمّ قبولهم في الوظيفة، الأمر الذي يمكن أن يعيق عملية التأهيل والتدريب بأكملها. يجب أن يحدد أصحاب العمل بوضوح مسؤوليات الوظيفة والأهداف والأطر الزمنية أثناء عملية المقابلة وقبل أن يتمّ إدخال الموظف في برنامج التأهيل والتدريب. وهو ما يجب أن يشمل أيضًا تعريف المرشح ببيئة العمل بشكل عام في مؤسستك، وذلك لمنحه فكرةً عن ثقافة شركتك وكيف تسير الأمور فيها، الأمر الذي تمّ إثباته أنه يخفف التوتر والقلق عند الموظفين الجدد.
بالإضافة إلى ذلك، يجب عليك تزويد الموظفين الجدد بالشروط والأدوات المثالية التي يحتاجون إليها من خلال منصة شاملة مثل AfterHire.