لم يستغرقك البحث عن العمل فترة طولية و قد حصلت على الوظيفة و الأجر الذي كنت تطمح إليه. كذلك، قد حصلت على مكتب بأطلالة جميلة ذو موقع رائع في الشركة. لكن بعد مضي أربعة أسابيع من تاريخ إنضمامك إلى الشركة، يوجد شعور يؤرقك إذ أنك في الواقع تشعر بالكآبة. فما هي حقيقة الأمر الذي لم يسر كما يجب؟ يرجح خبرائنا في بيت.كوم، أكبر موقع للتوظيف في الشرق الأوسط، ذلك إلى عدم إنسجامك مع ثقافة الشركة بأفضل وجه.
هي عبارة عن مجموعة من القيم و المعتقدات و الممارسات و الأساليب التي يشترك فيها الموظفون في شركة ما و التي تشكل نمط علاقاتهم و تعاملاتهم مع بعضهم البعض. و يمكن تعرفيها أيضا بكونها السمة أو الشخصية التي تميز شركة ما عن غيرها و التي تنتج عن إنصهار الشخصيات و الأساليب المختلفة و المتنوعة لكل شخص يعمل فيها.
قد تختلف ثقاقة الشركة في شكلها و نمطها في غالب االأحيان بسبب ترك بعض الموظفين للشركة و مجئ غيرهم لأخذ أماكنهم. فهم بهذه العملية يجلبون معهم منظومة مختلفة من التصرفات و القيم إلى الشركة التي يذهبون للعمل بها. لكنه كلما كانت ثقافة أي شركة راسخة و ثابته و كلما عملت الإدارة جاهدة في جعل ثقافة الشركة متعامدة مع أهدافها كلما أصبح إيقاع التغير أبطأ.
يعتبر العمل وفق منظومة قيم و أخلاقيات و رؤية و مهمة شركة ما كما هي مذكورة بحذافيرها في كتيب تعليماتها أمرا مثيرا للتوتر و مهبطا للعزيمة وله أثر سلبي على معدل إنتاجية الفرد و خصوصا إذا لم تكن منسجمة مع منظومته الخاصة من قيم و أخلاقيات. في هذا الحالة، قد يشعر الموظفين الذين إصطدموا مع ثقافة الشركة بأنهم غير مقبولين من قبل الموظفين الذين عملوا بالشركة لفترة مما سيجعلهم يشعرون في غالب الأوقات بالكآبة و فقدان الأمل من قبولهم كأعضاء في نسيج الشركة. بدوره، سيؤدي هذا الشعور إلى ترك تأثير سلبي جدا على تصرفاتهم و سيؤثر على إنتاجيتهم و طول المدة التي سيقضوها في الشركة. قد يشعر الموظفون الذين حصل تصادم بينهم و بين ثقافة الشركة بأختبار الأعراض الأولى للإكتئاب و الذي ينتج عن شعورهم بالغربة و عدم إنتمائهم للشركة مما سيترك نتيجة سلبية على آدائهم لواجباتهم الوظيفية و عرقلته.
إذا لم تكن راضيا عن بيئة الشركة التي تعمل بها و لا بظروف العمل المتوفرة أو حتى إذا لم تتقبل التصرفات الموجودة في الشركة التي تعمل بها، سيكون التقدم و النمو و التطور الوظيفي بالنسبة لك أمر صعب جدا.
يقوم المستشاروان المهنيون في أفضل الشركات المتخصصة في التوظيف على المستوى التنفيذي كقسم التوظيف التنفيذي في بيت.كوم ببذل الكثير من الوقت و الجهد لاستيعاب وفهم ثقافة الشركة حتى يضمنوا من إختيارهم الشخص المناسب الذي سيتقبل و سينسجم مع ثقافة الشركة بشكل جيد لشغل هذه الوظيفة إلى جانب ضمانهم من أن الشخص المختار سيشغل المنصب لفترة طويلة.
يوجد سؤال يرواد الباحثين عن العمل كثيرا، و ذاك السؤال هو كيف يستطيع المرء تقييم و معرفة ثقافة الشركة قبل توقيع العقد؟
تكمن الإجابة على هذا السؤال في وجوب الشخص إلى التطرق إلى هذا الموضوع في أثناء مرحلة المقابلة و توجيه الأسئلة المناسبة إلى الشخص الذي يجري معه المقابلة إلى جانب وجوب مراقبة الباحث عن العمل لطبيعية المجريات اليومية في الشركة بدقة قبل توقيع العقد. إذا كان لديك معارف أو أصدقاء يعملون في الشركة دعهم يوضحوا لك طبيعة الشركة و كيفية سير الأمور فيها، الأمر الذي سيعطيك فكرة واضحة جدا عن طبيعة المجريات اليومية فيها.
من أفضل الوسائل لمعرفة ثقافة الشركة أيضا، هو طلبك لقضاء يوم في الشركة التي إجريت مقابلة بها بعد إستفسارك فيما إذا كان سياسات الشركة تسمح بذلك أو فيما إذا كانت سياساتها تسمح لك بحضور إجتماع تستطيع من خلاله مراقبة الموظفين في الوسط الذي يعملون به و تحليل تعاملاتهم و منهجياتهم المتبعة. أما في حال رفض الشركة و سياساتها لذلك، قم بطلب أخذ جولة حول مرافق الشركة.
إنه من الضروري لأي باحث عن العمل قبل توقيعه لعقد العمل أن يقوم بالتعرف على كل موظف سيتعامل معه في حال توظيفه، أما إذا لم يتطرق لهذا الموضوع عند إستلامه لعرض العمل، عليه أن يطلب ذلك قبل توقيعه على العقد. في أثناء زيارتك للشركة، عليك أن تثق غرائزك و يجب آلا تغض بصرك عن العلامات المميزة التي يسهل ملاحظتها لثقافة الشركة التي تزورها حيث قد تلحظ خلو العاطفة في أجواء الشركة أو قد ترى السعادة مرسومة على وجوه الموظفين الجالسين في الكفاتيريا التابعة للشركة. أيضا، قد تلاحظ صفا من الأبواب المغلقة و العديد من العلامات الظاهرة للعين الدقيقة.
يمكن إيضا إعتبار المدونات العامة و تلك الخاصة بالشركات والآخرى الخاصة بخريجي الجامعات وسيلة مفيدة للإستفسار عن الملامح المميزة لثقافة شركة ما و تقييم الميزات "الغير ملموسة" أو الجوانب السلبية للعمل هناك. فإذا كانت هناك رابطة خاصة بخريجي جامعتك التي تخرجت منها، إبحث بها عن زملاء لك يعملون بالشركة التي قابلت بها لسؤالهم عنها. كذلك، قد يفيدك عملاء أو مزودي أو منافسي الشركة في الوصول إلى المعلومات التي تريد.
بعض الأسئلة الأساسية التي يجب سؤالها عن ثقافة الشركة و التي ستساعدك على فهمها و إستيعابها مما سيسهل عليك القرار فيما إذا كانت قيمك و إختياراتك في الحياة منسجمة مع تلك التي تعود للشركة. فإنه كلما قام الشخص الذي يجري المقابلة بإعطاء الإجابات الكافية عن هذه الأسئلة كلما قلت إحتمالات و قعوعك في صدمة في أسبوعك الأول من العمل . عليك التنبه دائما إلى الإسئلة التي تترك دون إيجابة و غيرها من الطرق للتهرب من إعطاء الإجابات التي يلجأ إليها المقابل و التي قد تدل على ضعف المقابل في هذه الجوانب أو عدم رغبته في الإجابة عن هذه الأسئلة.
إذا كنت تبحث عن النمو و التطور المهني، فإنه من الأفضل لك أن تعمل في مكان يعمل وفق قيمك و يعززها أو على الأقل أن تعمل في مكان لا تتصادم فيه مع قيمه و أخلاقياته. بسبب عدم معرفتك لطبيعة أي شركة قبل العمل بها، عليك أن تقوم بالبحث الدقيق و سؤال الأسئلة الصحيحة حتى تعمل على إزالة عنصر المفاجأة قبل تثبيتك في الشركة.
