محركات الولاء عند الموظفين في مكان العمل الحديث

محركات الولاء عند الموظفين في مكان العمل الحديث

قال (والت ديزني): "أنت تستطيع أن تحلم و أن تخلق و تبني أكثر الأماكن روعة في العالم، لكن ذلك يتطلب من الناس جعل الحلم حقيقة"

أصبح الدور الأساسي و الهام الذي يلعبه ولاء الطاقم الوظيفي في نجاح إستراتيجية أي شركة حقيقة متوافق و متعارف عليها طالما كانت تهدف الشركة إلى خلق حضور دائم لها بالرغم من حجمها و نشاطها. لكن ما هو الذي يكسب موضوع الولاء الوظيفي هذه الأهمية في البيئة العملية المتغيرة بإستمرار؟

يعني مفهوم الولاء الوظيفي العلاقة بين الموظف و صاحب العمل، و يعرف بشكل أدق ب “"عقد مطلق غير مكتوب يوافق فيه صاحب العمل على توفير المواد و المصادر التي يحتاجها الموظف حتى يؤدي وظيفته على أفضل وجه و يقابله موافقة الموظف على العمل بمستوى جيد لتلبية أهداف الشركة" ”, و هذا ما ذكره الدكتور (ديفيد يافتش) المؤلف العالمي الذي له أعمال تدور حول أمور إدارية هامة و مدير شركة (يافيتش أسوسيتس مانيجمنت كونسلتنج فيرم) في مدينة (نيوتاون) في ولاية (ماساتشوستس).

لم يكن موضوع الولاء الوظيفي من المواضيع التي تطرق لها حلقات النقاش قبل20 أو30 عاما حيث كانت غاية "وظيفة مدى الحياة" لا تزال حقيقة، فكان الموظف يعمل في نفس الشركة حتى تقاعده. أصبح ذلك الأمر شيئا من الماضي السحيق. ذكر (بول مكميلان) المدير التحريري لموقع (هارفارد بزنس أون لاين) و الذي يعتبر الوجهة اليومية على الإنترنت لقياديي عالم الأعمال و المختصين في هذا المجال بالإعتماد على تقرير أعدته (ووكر إنفورميشين) أن36% من العمالة الأمريكية ذكروا أنهم يخططون ترك الشركة التي يعملون بها خلال السنتين القادمتين. . أيضا ذكر تقرير حديث نشره بيت.كوم ، أكبر موقع للتوظيف في الشرق الأوسط، بعنوان "نظرة إقليمية عامة عن الموارد البشرية في الشرق الأوسط" أن الموظف العادي قام بتغير وظيفته مرة واحدة في الخمسة سنوات الماضية و في الغالب ما كان يتجاوز ذلك.

لقد أختلفت الطريقة التي تعمل وفقها أسواق العمل في وقتنا هذا بشكل كبير عن تلك التي كانت تعمل وفقها الأسواق خلال سنوات "الوظيفة مدى الحياة" بسب الإرتفاع الملحوظ في مستويات المنافسة العالمية و المحلية و إنتشار المعلومات الواسع عبر الإنترنت إلى جانب المرونة العملية و حركات إعادة الهيكلة المتزايدة في الأصعدة الإقتصادية و التنظيمية. بالإضافة إلى ما سبق، أدى النمو الإقتصادي المتزايد و خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي إلى وجود فرص عمل و خيارات مهنية أوسع مما جعل من الولاء الوظيفي سلعة ثمينة و نادرة يجب تغذيتها و الإعتناء بها بشكل مبادر.

ما هي فوائد ولاء الطاقم الوظيفي بالنسبة إلى الشركات بشكل عام و كيف يساهم في نجاح الشركة أو فشلها في يومنا هذا؟

يمثل طاقمك الوظيفي على أكثر المستويات أساسية شركتك يوميا خلال تعاملاتهم مع الزبائن عبر الهاتف أو شخصيا أو من خلال تبادل الرسائل الإلكترونية. غالبا ما تنعكس الطريقة التي تعامل في طاقمك الوظيفي على أسلوب تعامل الموظفين مع عملائك في المقابل. فمثلا، إذا كان يصدر عن الموظف شعور سلبي عن الشركة التي يعمل بها سيستشعر العملاء هذا مما يدفعهم إلى تغير رآيهم بخصوص عملية بيع مؤكدة أو محتملة. أما في حالة غير تلك، إذا كان الموظف يتمتع بالولاء تجاه الشركة سيعامل العملاء بنزاهة و إحترام و يصدر عنه كذلك حماسه و شغفه تجاه الشركة التي يعمل بها مما يؤدي إلى توليد شعور مشابه لدى العملاء تجاه شركتك.

أيضا، يعلم الموظفين الذين يتمتعون بالولاء تجاه الشركة التي يعملون بها أن عملية بيع عميل مختلف في كل مرة عملية غير كافية لتزويد الشركة بربح مستمر، لأنهم يدركون أن إنشاء علاقة طويلة الأمد مع العملاء من خلال تلبية كافة إحتياجاتهم و تخطيهم للتوقعات العملاء سيتمثل في إرتفاع حجم المبيعات و الأمن الوظيفي الإضافي الذي بدوره ينتج عنه إرتفاع في معدلات الولاء لدى الطاقم الوظيفي.

كيف يؤثر أيضا على الشركات فضلا عن تأثيره المباشر على ربحية الشركة؟

لدى معدلات تغير الموظفين المنخفضة تأثير كبير على ثقافة الشركة و الروح المعنوية فيها. بعد التخلي عن تكاليف و إرباك الإعلانات الوظيفية الجديدة و أتعاب شركات البحث عن المستوى التنفذي المكلفة و الفوضى التي تسببها المقابلات بالإضافة إلى عمليات تأهيل الموظيفين و تدريبهم تصبح الثقافة السائدة في الشركة أكثر ثبات حيث سيساعدك ذلك في جني ثمار إمتلاكك لطاقم وظيفي مجرب و حقيقي. يصبح الموظفين أيضا أكثر إدراكا بقوانين و ثقافة و قيم الشركة كما تزيد معرفتهم ببعضهم البعض و بوظائفهم كذلك يؤدي ولاء الطاقم الوظيفي إلى تجنب تأثير التغيرات التي تطرء على الطاقم و ما تسببه من حالات توتر و عدم إتزان. مع إمتلاك طاقم وظيفي مخلص لشركتك سترى أنك جالس في المكان الذي تحاول العديد من الشركات جاهدة لتصل إليه.

بين بحث شامل أجراه بيت.كوم ،أكبر موقع للتوظيف في الشرق الأوسط، بعنوان وفاء، تفاعل و رضا الموظفين في الشرق الأوسط أن64% من الموظفين في منطقة الشرق الأوسط يتمتعون بالولاء تجاه وظيفتهم. إذا، ما الذي يحفز شعور الولاء تجاه الوظيفة لدى الطاقم الوظيفي؟ ما هو الأمر الذي يدفعهم إلى محبة و إحترام الشركة التي يعملون بها و الإلتزام معها لمدى طويل؟ التالية هي بضعة محركات ضرورية لولاء الطاقم الوظيفي العامل في أي شركة:

  • معرفة رؤية الشركة: يؤدي مشاركة الإدارة لرؤية و مهمة و تعليمات الشركة و أهم قراراتها مع الموظفين بإنتظام إلى مضاعفة شعور الموظفين بأنهم موثوق بهم و بإمتلاكهم صلة حيوية مع الشركة.
  • إمتلاك حياة مهنية و ليس وظيفة: يشعر الموظفين الذين يعتقدون أن وظيفتهم هي حدث مميز جدا إلى جانب إمتلاكهم لمسيرة مهنية مجزية بدافع و إلتزام أكبر تجاه عملهم و الشركة التي تستثمر في رفاهية موظفيها
  • الشعور بأنهم عناصر هامة في مشروع أضخم: بالنسبة إلى (كوربوريت كونكشنز) و هي دورية صادرة عن مكتب العلاقات التجارية في جامعة (إموري) "يعد إمتلاك خطة متنوعة للعمل الخيري آداة فاعلة للمحافظة على الموظفين". يعزز الإنتماء إلى شركة لها إلتزام معلوم تجاه مصلحة المجتمع و تدرك أنها جزء هام جدا من المجهودات الخيرة المبذولة إلتزام الموظفين نحو وظائفهم و الشركات التي يعملون بها.
  • الحصول على حزم أجور عادلة في ضوء واجباتهم الوظيفية: قد تكون عدم قدرة النقود شراء الولاء حقيقة و لكن عدم دفع أجور تتماشى مع قيمة الموظف يساعد على تنفيره من الشركة.
  • الشعور بالتشجيع: يعد إمتلاك الموظفين الفرصة في مشاركة أفكارهم و تمتعهم بسلطة أخذ القرارات المتعلقة بعملهم بوظيفتهم بشكل مباشر من الأمور التي تزيد معدلات الرضى و الدافع على العمل لدى الموظفين.
  • الشعور بتوفر التحدي الإيجابي يوميا: الإيمان في قدرة طاقمك الوظيفي و وضع معايير عالية لهم للسير وفقها يؤدي بشكل أساسي إلى رفع معدلات الدافع للعمل و مضاعفة المشاعر الإيجابية تجاه وظيفتهم.
  • الحصول على فرص النمو و التدريب المناسبة: عادة ما يبذل الموظفين جهدا أكثر في عملهم عندما يشعرون بقيمتهم بالنسبة للشركة. إذا إستثمرت في موظفيك ( عبر عقد البرامج التدريبية و ندوات و جلسات تطوير المواهب...) و لبيت إحتياجاتهم المهنية، ستكون لهم القابلية في الإستثمار وظائفهم مما ينتج عنه زيادة في أرباحك و تضاعف في إلتزام الموظفين نحو وظائفهم.
  • حصولهم على التقدير و المكافأت عند إستدعاء ذلك: يمكن لكلمة تقدير بسيطة صنع المعجزات في نفس الموظف عند حصوله لها على عمل مميز قام به. تعمل الشركات التي تكافئ موظفيها بإنتظام و تقدر مساهماتهم في الشركة على إستبعاد واحد من الأسباب الرئيسية المساعدة على ترك الموظفين لوظائفهم.
  • الإحتفاظ بعلاقات قوية مع الإدارة: لا يتمحور هذا الأمر حول العلاقة مع المدير المباشر بل يتخطاه إلى العلاقة مع أعضاء الإدارة العليا. يشعر الموظفين بالأمن طالما يعرفون أن إنجازاتهم و مساهماتهم تحظى على التقدير الذي تسترعيه في الأوساط المهمة و طالما يتمتعون بعلاقات قوية و صحية في مكان العمل.
  • الحفاظ على توازن بين الحياة و العمل: لقد أصبح هذا الأمر من الأمور ذات الأهمية المتزايدة في أماكن العمل الحديثة. تزيد إحتمالية إرتفاع الإنتاجية و الدافع على العمل لدى الطواقم الوظيفية العاملة في الشركات التي تشجع نمط الحياة الصحي و فتح المجال للأولويات المختلفة.

في الختام، لا يعتبر الولاء الوظيفي من الكماليات و لا من ملامح الرفاهية في الشركة بل هو سلعة أساسية في الشركات الحديثة و هو معيار لا يجب التغاظي عنه لخير الشركة. إن البشرى الحسنة في هذا اليوم تتمثل في كون الشركات أصبحت أكثر دراية بهذا المعيار الهام لخير الشركة حيث بدءت تقيس معدلات الولاء بإنتطام و صارت تبادر بوضع الدراسات و البرامج الهدافة إلى تشجيع ولاء الموظفين حتى أمست تمتلك القدرة على الإستفادة من الربحية المتزايدة و معدلات تغير الموظفين المنخفضة بالإضافة إلى معدلات الإنتاجية و الإلتزام و الروح المعنوية المتزادة لدى الموظفين.

Mohannad Aljawamis
  • قام بإعلانها Mohannad Aljawamis - ‏19/08/2008
  • آخر تحديث: 03/12/2018
  • قام بإعلانها Mohannad Aljawamis - ‏19/08/2008
  • آخر تحديث: 03/12/2018
تعليقات
(0)